م.بدر وليد القاسم
يرتكز هذا المقال على التوسع في مستقبل التخطيط بمدينة الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية وأهمية اللامركزية بحيث تعكس السياسة كلاً من التحديات والفرص في القطاعات المختلفة. واستقصاء لأثرها في إدارة المدينة وعلى رؤية المملكة 2030.
فأثناء حديثه عن مبادرة الاستثمار المستقبلي في الرياض، أشار ولي عهد المملكة العربية السعودية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- إلى أن القيادة الكريمة تهدف إلى زيادة عدد سكان مدينة الرياض من 7.5 مليون في عام 2021 إلى حوالي 15-20 مليونًا في عام 2030. وكان البيان متسقًا مع رؤية المملكة 2030 التي ارتبطت على نطاق واسع مع تطلعات سمو ولي عهده الكريم.
يمكن وصف الرؤية بأنها برنامج استراتيجي اجتماعي واقتصادي يهدف إلى تنويع اقتصاد الدولة وتحفيز العديد من التغييرات في قطاعات المملكة الاجتماعية والاقتصادية. بشكل أساسي، وكما تم التعليق عليه من قبل مجموعة أولبرايت ستون بريدج، بأن الرؤية تهدف إلى تقليل اعتماد المملكة المفرط على النفط والغاز.
كانت الحاجة إلى تنويع اقتصاد المملكة والاقتصادات المماثلة القائمة على النفط محل نقاش امتد طويلاً. وفقًا لمختبر النمو بجامعة هارفارد، تشير التقديرات إلى أن النموذج الاقتصادي الحالي للمملكة يعتمد بشكل أساسي على صادرات النفط، بنسبة 84 في المئة، مما يُترجم إلى حوالي 42 في المئة من إجمالي الناتج المحلي. تعتبر القضية محفوفة بالمخاطر في أعقاب تطور أسواق الطاقة. إذ دفعت هذه القضية، بالإضافة إلى عوامل أخرى، الحاجة إلى التنويع في المصادر الاقتصادية للمملكة.
وفي برنامج التنويع الراسخة في رؤية المملكة 2030، ترتكز الرياض كنقطة محورية في برنامجها. وكان تحول هيئة تطوير الرياض إلى الهيئة الملكية لمدينة الرياض (الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض) أثراً لهذا الثقل. إذ خولت الهيئة لجعل الرياض واحدة من أكبر 10 مدن في العالم وزيادة عدد سكانها إلى حوالي 15 مليون بحلول عام 2030.
الاهتمام بالرياض كنقطة محورية لبرنامج التنوع الاقتصادي للمملكة مبنياً على فلسفة سمو ولي عهده الكريم التي نصت أن الاقتصادات تعتمد على المدينة. كما ورد في المراجعة الفنية (تيكنيكال ريفيو)، حيث ذكر فيها أن النمو الحقيقي يكمن في المدن. وعليها، فإن المملكة تستخدم مدينة الرياض كمركز لبرنامجها في التنويع من المصادر الاقتصادية في المملكة.
كما تشير الإحصاءات الواردة من عرب نيوز إلى أن مدينة الرياض تمثل بالفعل نصف الاقتصاد غير النفطي في المملكة. وعلاوة على ذلك، أشار موقع المدينة، كما تم تحليله من قبل مجموعة أولبرايت ستون بريدج والهيئة الملكية لتطوير مدينة الرياض، إلى موقعها الإستراتيجي في المملكة. وبناءً على ذلك، أُطلق على الرياض لقب «مدينة المستقبل» وانجذبت استثمارات كبيرة إليها لتسهيل تحولها.
ومع ذلك، يجب النظر إلى التخطيط في سياق إدارة المدينة. كجزء من متطلبات النمو، في حالة الإدارة المحلية، على سبيل المثال، تتداعى الحاجة إلى تعديل بعض اللوائح الإدارية للمدينة، للتقليص من النطاق الإداري حتى يمكن من إدارة تلك المناطق وإيجاد مؤشرات أداء لمراقبة تطورها، إذ إن اللامركزية في إدارة المدينة تشكل عنصراً أساسياً لتحقيق الرؤية.
وحتى يتم تحقيق لا مركزية مجدية في مدينة الرياض من المهم ألا تقتصر أدوار القائمين عليها في الجانب الاستشاري فقط، بل يكون تفاعلهم مع المدينة في الأدوار القانونية والتنظيمية. حيث إن اللامركزية وتمكين المجتمع المحلي هما من أهم المفاتيح في التحول اقتصادي لمدينة الرياض.