طاقاتك المخفية.. أين هي عنك أو بعبارة أجدى أينك أنت عنها؟
ماذا لو قلت لك أن الطاقات تختلف مشاربها وأقسامها واتجاهاتها بطبيعة الحال، لكن الطاقات المُباركة التي لا يجف ينبوعها المتدفق على نهر حياتك وحياة من بعدك تقع تحت مسمى واحد لا يعتصم بمعنى آخر يندرج تحت فيضها، هي طاقات فطرية تعتمد على خيريتك ونفعيتك، تعنى بالكيف والكم في آن واحد، طاقة تعني القيام بأفضل سلوك يمكن أن تقوم به مع أي حالة أنت كامن فيها.
طاقات مستترة تخفى عن التفاتاتك، وتندمل بوعي منك قربانًا لأهوائك ولفكرتك المرهونة باللحظة!. فروعُ أنهارها وافر وممتد كدمِك الذي يتفرع في جسدك والذي بإمكانك أن تجعله دمًا نافعًا لا فاسدًا وهذا يعتمد على ما تسكنه وتطعمه جسدك، وكذلك الحال مع سلوكياتك الطاقية التي تقوم بها لتدخل على حياتك ما ينفعها ويؤكد خيريتها أو ما يضرها فيؤكد معدوميتها.
منها على سبيل الوعي لا الحصر...كطاقة الاستبصار بالأخطاء الجِسام التي تحتاج لنفس قوية للانفكاك منها، وعزيمة خالصة لتأكيد عدم الرجوع لنوائبها. وطاقة التجاوز للأماكن والأشخاص حتى تبدو أزقة شعورك خالية منهما عدا من طاقة التغاضي عن رد الأذى بالأذى الذي يقتات من قوتك ليضعفك ويجعلك أكثر هشاشة فيُقيدك بمصدره. وطاقة الأدب في ادعاء عدم علمك رغم علمك أمام من هو أجلُّ منك سنًا وحكمة ليسترسل طمأنينة وسماحة بما لديه. طاقة السماحة في أن يقاطعك أحدهم على أمر بسيط ليس بالمهم وأنت تؤدي مهمة عقلية أو استرسالية فتوقف لحظتك وتلقي انتباهك وقبلها لطفك بكل ود وبشاشة وتطيب خاطره بقضاء ما ابتغاه وخاطرك تباعًا بما استجلبته من رضا يتلطف ببقية يومك أنت، وحياته هو بأسرها؛ فلجبر الخواطر قوة طاقية تذر ما هُدم بها وتستبقي ما أُصِّل بها لتنميه وتباركه.
طاقة الصمت عما يفقدك صبرك ويسلبك جلدك في نقاش عقيم احتدم وتعالت فيه الأصوات ضعفًا من شأنه أن يقلل من قدرك وأنت طرف ثالث فيه، فتنحيت وغلَّفت رؤيتك فيها ومضيت بوقار. طاقة الضمير في أن تدع ما تشتهيه نفسك الأمارة بالسوء إلى ما تبتغيه نفسك الطامحة للفضيلة. طاقة العفو عند انعدام العفو والفرص التي تستبقي ولو قيد أنملة ووسيلة لانسدال المغفرة .طاقة الاعتراف بفضل أحدهم عليك وانهمارك الذوقي والأخلاقي في تعداد مناقبه حتى وإن وصلت بذكر يرفعه لكنه ينقصك و يرجفك صوريًا لكنه حقيقة يعليك باطنيًا ،لأنك امتلكت فضيلة الاعتراف بالخطأ الذي يقوم طريقك لاحقًا. طاقة التبصر بتبعات قول الحق ورد اعتبار المظلوم ،والذي قد يدخلك في معمعة لا طائل منها، وسفاسف مبتذلة لا تناسب رمزيتك فتبهتك ،لكنك بفضلها حصلت على البصيرة التي لا تنال إلا بمس من وعثائها. طاقة الإفلات المُدرك رغم التعلق لكل ما لايعود على النفس بخير أو بنفع، و يسلب منها رضاها الداخلي وعزتها التي لا تؤكد إلا على رسوخ مبادئها.
طاقات منهمرة حاضرة في يومك اكتشفها أنت بذاتك واستخرج منها طاقتك المُباركة التي لا تعود عليك إلا بخير وسعة وبركة وعلى الأرض.
بادر بتتبعها و بما يُبصر عن كوامنها، وتلقفها كما يتلقف الكفيف يد المبصر ثقة منه بالوصول لمراده المكاني، لا تعبأ ولا تكف يدك عن تلمسها وإبرازها بالشكل المبتغى نيله؛ فطاقتك مفتوحة الزمان والمكان والوقت كفيل بإزهارها إن كانت عزيمتك حاضرة ومستقبلة. وكما قال الأديب أحمد توفيق _الذي تمنى أن يكتب على قبره: جعل الشباب يقرأون، وقد كان له ما تمنى بطاقة خيريته _ : «الأعوام تُغير الكثير.. إنَّها تُبدّل التضاريس والأشجار، فكيف لا تُبدّل شخصيات البشر؟». والبشري الذي لا يتنبه أنه إن أوتي بكل هذه الخيرية سيتسامى ويتقرب لله بها لا بالشعارات من حيث لا يدرك، بل بالأفعال التي تتبرعم وتتنامى من خلالها، وسيتبدل من خلال هذه الطاقات من نسخة عادية إلى نسخة عظيمة تسمو بالفضيلة في كل محفل ومنبر.
*** أطلق طاقاتك ليعم بنفعها أرجاء روحك وما حولها.
** **
- أشواق محمد الوهيد