د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
** عدا الاستزادة والاستفادة من مكتبة والده رحمه الله فقد اتكأَ – وقت تكوينه – على المكتبة العامة بعنيزة التابعة لوزارة المعارف كما كانت تسمى، وكان القيِّمُ عليها الشيخ سليمان بن محمد الجناحي 1431-1341 هـ رحمه الله، وهو إمام مسجد حي الجوز، ومن أوائل من قرؤوا القرآن الكريم زمن انطلاق بث الإذاعة السعودية الأولى من مكة المكرمة في تاسع شهر ذي الحجة عام 1368هـ (أكتوبر- 1949م)، وبدا أنه تلا أمام الملك عبدالعزيز، ويروى أن الملك سعود - رحمهما الله - سأل عنه في إحدى زياراته لعنيزة، وله تسجيلات نادرة للصلاة ولدعاء ختم القرآن في شهر رمضان، وإذ سكنَّا في حيِّ الجوز عامًا واحدًا بعد عودتنا من حائل، وكان عمر صاحبكم أحد عشر عامًا، فقد ائتمَمْنا به، وفي المكتبة كان حريصًا على مرتاديها موفرًا لهم ما يشاؤون من خدمات البحث والتوجيه والإعارة، وربما أشار إلى عامل الشاي لتقديم خدماته للصبية؛ فأحسسنا بالامتنان.
** أما المكتبة الثالثة فهي مكتبة المعهد العلمي، وكانت عامرةً بالكتب الشرعية واللغوية والأدبية والعامة والمجلات القديمة، وتضاعفت إفادته منها حين صار عضوًا بجماعتها وقت الطلب مع الصديقين: الدكتور عبدالرحمن السماعيل والأستاذ عبدالعزيز العلي القاضي حفظهما الله، وكان مشرفنا هو الشيخ عبدالله الجلالي، ثم صار مسؤولُها الأستاذ حمد الشبل رحمهما الله.
** وفي المكتبة الرابعة، وهي منزلية بعنيزة، أنجز بعض الأبحاث المبكرة المطلوبة في المركز الصيفي، وهي مكتبة أستاذنا الدكتور عبدالله اليوسف الشبل مدير جامعة الإمام الأسبق رحمه الله، فاستأذن له والدُه كي يزورَها ووجد فيها عن تاريخ الحروب الصليبية وصلاح الدين الأيوبي ما لم يجده في سواها.
** وفي مكتبة مسجد الرويقي التي أسسها الأستاذ محمد الصالح السُّليم رحمه الله وجد تنوعًا في محتوياتها حيث كانت حصيلة جهود « أبي أحمد» الذي بناها من تبرعات المؤسسات العلمية والأفراد فمثَّلت تعددَ أذواقهم واهتماماتهم.
** وثمة مكتبتان تجاريتان؛ الأولى في شارع « السلسلة» وأسسها الأستاذ يحيى العلي اليحيى رحمه الله وهي مكتبة «المعرفة» المتخصصة بالصحف والمجلات والكتب الخفيفة، وكثيرًا ما ركب دراجته العادية بطلب من والده غفر الله له لإحضار جريدة أو كتاب جديد، أما الثانية ففي «الحيالة» وفتحت عام 1388هـ واعتنت بالكتب تحديدًا، وكانت معظم جوائز التفوق تُبتاع منها، ولديه كتبٌ بختمها، وهي مكتبة العلوم والآداب.
** وفي الرياض يَدين لمكتبتين مهمتين، وهما: مكتبة معهد الإدارة، وهي مكتبة متخصصة أنيقة، ودار الكتب الوطنية وهي مكتبة كبيرة وشاملة، كما انتفع من بائعي الكتب أمام جامع الإمام تركي بن عبدالله بعد صلاة الجمعة، والتقط منها كتبًا حديثةً نادرةً، ووجد مكتبة عالم الجغرافيا، صاحب « أطلس العالم»، الأستاذ محمد سيد نصر معروضةً للبيع بعد وفاته ، وبينها كتاب له – رحمه الله – عن جغرافية النقل، وعليه تعليقات وتصويبات وإضافات، وربما أعدّه لطبعة جديدة فاشتراه بثمنٍ بخس، وهذه مأساةُ الكتب حين تقع في يدِ من لا يقدرُها.
** الأجواءُ تخلق الانتماء.