مسعدة اليامي - الجزيرة الثقافية:
زرعت بذور ردودها في أفئدة الطير، فكان حديثها شفافاً وناعماً مثل الحرير, تتحدث لنا من خلال هذا اللقاء لقراء الجزيرة الكاتبة القاصة الأستاذة كفى عسيري :
كتابة المقال تشبه الجسر الذي تنتقل منهُ إلى الضفة الأخرى لتتعرف على عوالم جديدة, كما تذكر أن كتابة الرواية قد تكتب لكَ عمراً أو تميتك, وتتفق على أن ينثر الكاتب أوجاعه خلال ما يكتب مشبهاً ذلك بالرئة الزائدة.
* كيف ولجتِ عالم الكتابة ؟
- كانت مراحل متدرجة. منذ الصغر بدأت بالكتابة بالفحم على حائط من الحجارة في منزلنا القديم ، ثم تتابعت المراحل حتى وصلت إلى استحسان ما أكتبه فبدأت بنشره إلكترونيا ثم ورقيا..
* كيف تمضين وقتك مع خير جليس وما أهم الكتب التي تقرئين؟
- لا أسير على وتيرة واحدة. أحيانا أسرق الوقت من أجل إكمال صفحات يسيرة من كتاب ، وأحيانا أخرى أعمل على جدولة مشروع قرائي..
أما بالنسبة لأهم الكتب فليس هناك ما هو أهم وما هو أقل أهمية لكن هناك أولوية حسب الموجود، فالوقت الأول للإنتاج المحلي أعني الأدب السعودي ، وأعتقد أن هذا مهم جدا لأي كاتب أن يقرأ نتاج بيئته ومحيطه ، ذلك يساعد على تتبع تجربته وتجارب الآخرين ثم يحدد أين يقع بالنسبة لمن يقرأ لهم.
* الموهبة تكفي أم ماذا نحتاج؟
- الموهبة مثل حبة القمح ، لا يكفي أن ترميها في أحد شقوق الأرض وتنتظرين أن تنمو، هناك تعهد وعناية وتغذية ، وهذا ما يحتاجه الكاتب أو الموهوب بصفة عامة.
* بالنسبة لك ماذا كنت تحتاجين حتى تكتبي قصة أدبية ذات جودة؟
- طردت كل الوجوه والأحداث اليومية الواقعية من ذاكرتي ، ثم الانزواء في ركن قصي هادئ.
* ما أهم المشاكل الإنسانية التي تطرحينها من خلال قصصك؟
- القضايا تتطور وتتشكل مع تطور المجتمعات وتشكلها، لذلك ليس لدي مقياس ثابت أو اختيار محدد من القضايا فيما أكتبه من قصص.
* حدثينا عن النشر لمجموعتك القصصية الأولى والثانية وما الفرق بين إصدار وإصدار؟
- كلاهما حظي بعناية واهتمام من ناديين كبيرين لهما باع طويل وقدرة عظيمة على استقطاب المواهب وصناعة الحراك الثقافي على مستوى الوطن، فالمجموعة الأولى (حالية اللبن) صدرت عن نادي أبها الأدبي في عام 2013م, والمجموعة الثانية (منديلها الأصفر) صدرت عن نادي الأحساء في عام 2017م، ولا أجد فرقا بين الإصدارين ، تلقيتهما بنفس المشاعر والبهجة خصوصا وأن الفارق الزمني بينهما كان محفزا لتجربة جديدة.
* كيف تقرئين النشر الرقمي وهل يراودك نشر مجموعاتك رقمياً؟
- حقيقة ليس لدي فكرة كاملة وتصور واضح عن هذه الآلية وهذا المشروع ، وهذا يجعلني أترك الإجابة عن التفكير في النشر رقميا.
* أيهما أسهل كتابة القصة الواقعية أو التاريخية ,كتابة القصة القصيرة أو القصيرة جداً؟
- الفكرة هي نواة القصة، وما يعززها ويثريها الحصيلة اللغوية المكتسبة من القراءة، لهذا يسهل على القاص المطلع التجريب في أي منهما.
* بالنسبة للقصة القصيرة أو القصة القصيرة جدا فأرى أن كتابة أي منهما ترتبط بحالة مزاجية تسيطر على الكاتب قد تطول هذه الحالة وقد تقصر ، وقد تكون ملازمة له طيلة فترة كتابته للقصة ؛ بعض الكتاب يميل إلى الإطناب وخروجه بنص يقترب إلى الرواية ، والبعض - وأنا من هذا البعض - يروق له كبسلة القصة.
* كيف وجدت النقد لكتاباتك القصصية؟
- حظيت مجموعتي بقراءات نقدية واعية ومدللة على جوانب مهمة حفزتني على التريث وإعادة النظر قبل النشر.
* هل تفكرين أن تحرك بوصلتك الإبداعية إلى الرواية كونها سيدة المشهد الثقافي؟
- كنت قبل أسابيع أتحدث مع إحدى الصديقات حول هذا الموضوع وكان رأيي أن الرواية إما أن تكتب لك عمراً جديداً وإما أن تميتك ككاتبة.. هي مشروع ليس بالسهل تحتاج إلى الفكرة المتفردة، المساحة الوقتية والصفاء الذهني، بالإضافة إلى القراءة المكثفة جدا في كل المجالات. ولزميلنا الكاتب محمد الراشدي - عندما سئل عن الرواية - في إحدى الندوات التي حضرتها جملة تعزز رأيي فقد قال : لا أريد أن أكتب رواية ليقال عني (روائي) ، الاختلاف والنضج هما الأهم.
* كتبتِ المقالة، حدثينا عن هذه التجربة في جريدة الوطن وهل لا زلتِ مستمرة في كتابة المقال ؟ وما نوع المقال الذي تكتبينه؟
* كتابة المقال تشبه الجسر الذي تعبر منه إلى الضفة الأخرى لترى وتعرف عن قرب وجوهاً وعوالم جديدة. وكانت زاويتي في الوطن ذلك الجسر الذي عرفت من خلالها قراء من منطقة عسير ومن كافة مناطق المملكة. أما عما أكتب فالكاتب ابن بيئته فكنت أحاول أن أكتب عن المكان والإنسان في هذه الجهة المليئة بالحيوات المدهشة والثرية.. توقفت لنقول لفترة راحة وإن طالت ، ولكن لابد من العودة إلى الوطن وهي الحضن الحاني الأول.
* يقال إن كتابة المقال لحظية لا تستحق أن تجمع في كتاب. أنتِ ماذا تقولين؟
- ليست كل المقالات لحظية ، قد ينطبق ذلك على مقالات الرأي التي تأتي على القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. ولكن هناك مقالات تاريخية أدبية مكانية تكتب بلغة إبداعية فاتنة وتكون صالحة لأزمنة وقرون قادمة.
* نحن ما نقوله, ولكن أيضاً نحنُ ما لا نقولهُ. (يون كالمان ستيفنسن).. ما رأيك في ذلك؟
- فهمت هذه المقولة على وجهين :
الأول: أن الكاتب صوت نفسه وصوت مجتمعه ,والثاني: أن الكاتب معني بكل ما يكتبه ويربطه بالواقع القيم والمثل العليا , وليس معنيا بالخيال وما ينتج عنه من أحداث.
* كيف تعملين على تقديم إبداعك بأفضل صورة في ظل المسؤوليات ومشاغل الحياة؟
- لست منشغلة حركيا بالقدر الذي أنشغل فيه ذهنيا ببعض الأمور الحياتية مما يعيق بعض المشاريع، وأسعى ألا يكون عائقا دائما.
* هل ينثر المبدع شيئا من أوجاعه وآلامه فيما يكتب؟
- نعم كون الكتابة رئة زائدة يتميز بها الكاتب.. ولديه طريقتان : إما الطريقة الكتابية المباشرة والصريحة التي يترجم بها الحالة، أو طريقة التخفف أو التنفس التي يجربها من خلال الكتابة المطلقة.