تجيئين في كل شيءٍ حزين..
فما حاجتي للمجيء الحزين..!
تعاظم فيك انتظاري طويلاً..
وما عبق الغصنُ بالياسمين
تجيئين خلواً من الأغنيات..
من الحب..
من زفرة في الضلوع..
ومن شبقٍ يستفز القصيد..
فلا الليل أوقد منك الشموع..
ولا الصبحُ أشعل فيك الوريد..
فما حاجتي لمجيءٍ خواء..!
أما قلت من قبل أني وريث الضياع..!
وأني تماديت في الحزن حتى قتلت الرجاء..!
إذا لم أقلها فهاك أقرئيها..
فإني نذرت بأن أتفيا ظلال جراحي..
وأشرب من نزف قلبي إذا لم أعانق مزون السحاب..
وأن أتباهى بما في يقيني من الحزن حتى يفور التراب..
وقفت هناك..
هناك وقفت أفتش عن موعدٍ للرحيل..
وقفت أسائل عن وجعٍ مستحيل..
على شرفات السنين وقفت أسائل ما في كفوف الغمام..
وبيني وبين المسافات نخلٌ وطلعٌ وماء..
وقفت وفي الكف طيرٌ مضيءٌ يرتلُ ألحانه في المساء..
وبيني وبين الصباحاتِ فجرٌ يسافرُ فيه هديل الحمام..
فما حاجتي لشروق العناء..!
أنا المستكين.. أنا المستهام..
أنا المستبدُ بعرش الأماني..
أتوق لصبحٍ كريمٍ يجيءُ بعيد المنى والتهاني..
لانثى تعنقدني كرماً تشتهيه غصون الكلام..
تجدّلُ من زفرتي وكر عشٍ لعصفورةٍ لا تنام..
وتشعلني بدلاً من شموع الظلام..
وتجعل سائر وقتي عيداً إذا ما رغبت الصيام..
أنا هكذا لا أجيد الغناء على مفرقٍ ليس فيه من الماء إلا الخرير..
حقيقٌ عليّ بألا أعُلّ من النهر إن لم أذق لذة الارتواء..
لأن الكؤوس التي أترعت من دمي.. لم تغادر دمي..
لأن انتظاري هباء..
أنا هكذا..
على هدبي من بقايا الطفولة حلمٌ صغير..
ونافذة لم تزل موصدة..
ألا فافتحيها برفقٍ يطير من العش سرب الحمام..
أيا امرأة من لهيب الجحيم..
هنا جنةٌ في ضلوعي تحن وبئرُ كريم..
ألا فادخلي واغسلي كل ذنبٍ قديم..
ومن بئر مائي أغرفي غرفة وأشربي..
ولا تغضبي..
فما عاد يجدي الرضا والغضب..
أيا امرأة لا تجيد الخضوع..
دعيني أقول الذي في الضلوع..
أنا عاشقٌ مدنفٌ والهوى..
يكبلُ بي ناضجات الطلوع..
ألا فاقرئيني كما أشتهي..
كما ينبغي..
لأعلن أني وريث الغرام
وأعلن للناس أني أحب
** **
- محمد بن سعد العجلان