تمشي ظِلالُكَ في الدروبِ لنَعْبُرا
يا سَيِّدًا عيناه مصباحُ القُرى
وتَسُلُّ سَيْفَكَ
في الحروبِ وفِي السَّلامِ
لأن سَيْفَكَ لا يباع ويُشترى
مُذْ كُنْتَ تحفِرُ غارَ (مكَّةَ)
والخطى أَمِنَتْ،
وإيمانُ الحياةِ تَعَطَّرا
حتى ابتَكَرْتَ لنا طريقًا آخَرًا
فيه الضِّياءُ الحَقُّ جاءَ مُكَبِّرا
حتى تَوَزَّعَ نورُ وَجْهِكَ
سُكَّرًا بين العبادِ،
فَكُنْ لقَلْبِيَ سُكَّرا
لولا (مُحَمَّدُ)
ما سَفَحْتُ هنا دمي
إنِّي سَفَحْتُ على المسافةِ خنْجَرا
لولا (مُحَمَّدُ)
ما تَنَاسَلَتِ الرؤى
كَلّا، وما نَزَفَ الحنينُ الأَسْطُرا
كفَّايَ تَرتجفان..
سيرةُ (أَحْمَدٍ) مَنَحَتْهُما دِفْئًا ولَيْلًا مُقْمِرا
سَأُضِيءُ مِنْكَ
شِعَابُ (مكَّةَ) كُلُّها تدنو لضَوْئِكَ
دونه لن تُبْصِرا
سَأُضِيءُ مِنْكَ
ظَلامُ هذي الأَرْضِ ضَاعَ بِكُلِّ أَطْرَافِ الدُّنا وتبخَّرا
وَلَدَتْكَ (آمِنَةُ) السَّلامِ بِقَلْبِها
قد كانَ قَلْبُ حَياتِها مُتَبَخْتِرا
مَنَحَتْكَ تَلْويحَ الحَمَامِ
صُعُودَهُ الْأَبَدِيَّ؛
فَلْتَمْنَحْ صُعُودِيَ مَعْبَرا
ولْتَمْنَحِ الفُقَراءَ
زَادًا من عَطَائِكَ
يا كريمًا عاشَ يَنْثُرُ بَيْدَرا
ومَنَحْتَ (طَيْبَةَ)
من أناشِيدِ الرُّوَاةِ نُبُوَّةً ما زال يَعْشَقُها الورى
هذا حَديثُكَ ظَلَّ يَحْرُسُ خَطْوَنا
كُلُّ الحَدِيثِ بلا يَقِينِكَ مُفْتَرى
هذي سِهَامُ الحاقدينَ تَيَتَّمَتْ
إِذْ ذَادَ عَنْكَ جَمِيعُ مَنْ سَكَنَ الثَّرَى
نَدْري جَمِيعًا
أَنَّ بَابَكَ مُشْرَعٌ للآدَمِيَّةِ،
لَسْتَ تَكْرَهُ مُضْمِرا
ويَدَاكَ تَلْتَحِفانِ كلَّ عُيوبِنا
فالعَبْدُ من كَفَّيْكَ عادَ مُدَثَّرا
نَدْري ونَدْري،
والحِكَايَةُ بَيْنَنا أَبَدٌ مِنَ الدِّينِ الذي لن يُكْسَرا
***
يا سَيِّدَ الثّقَلَيْن
إنَّكَ عَالَمٌ يَهَبُ الدَّلِيلَ لِكُلِّ مَنْ ضَلَّ السُّرى
وتَمُدُّهُمْ يا سَيِّدي بِنُبُوَّةٍ
تَجْري على الصَّحْرَاءِ عُشْبًا أَخْضَرا
باهَيْتَ بالصَّحْبِ الكِرَامِ
فَعَانَقوا فِيكَ الهِدايةَ؛
إذْ تُعَانِقُ كَوْثَرا
جَاؤوكَ في لَهَفٍ
عَطَاشَى للحَيَاةِ وللنَّجَاةِ؛
فَكُنْتَ فيهِمْ أَنْهُرا
هاجَرْتَ في فَزَعٍ
من الدَّارِ التي ولَدَتْكَ ،
حيث طَغَى العَمَاءُ وأَضْمَرا
هاجَرْتَ
كان الظَّالِمونَ على الخُيولِ؛
تحثُّهُمْ في الدَّرْبِ أحقادُ الوَرَى
حَتَّى إذا وجَّهْتَ قَلْبَكَ
للمدينةِ
عانَقَتْكَ ظِلالُ نَخْلٍ لا ترى
وأتاكَ (أنصارٌ)
تَفيضُ جِبَاهُهُمْ طهْرًا؛
لذلك أقسموا أَنْ تُنْصَرا
ومَضَوا خِفَافًا للسَّماءِ،
وهَمُّهُمْ أنْ يمَّحي الذنبُ القديمُ ويُغْفَرا
يا سيِّدَ الرُّسُلِ الكرامِ
تَجَمَّلَتْ فيكَ الحروفُ،
وحقُّها أن تُعْذَرا
ما زلتُ أطرُقُ بابَ حُبِّكَ سيِّدي
والبابُ يفتحُ صَدْرَهُ كي أَعْبُرا
** **
- حسن عبده صميلي