م. خالد إبراهيم الحجي
يُشار إلى الهيدروجين الأزرق بأنه الاحتراق النظيف؛ لأن احتراقه لا ينتج عنه انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أو الكبريت أو الجسيمات، وهو مصدر وقود يُستخدم لإنتاج الطاقة، ويتم إنتاجه بطرق التكرير عندما ينقسم الغاز الطبيعي إلى الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون، إما عن طريق إصلاح الميثان بالبخار (SMR) أو الإصلاح الحراري التلقائي (ATR). وثاني أكسيد الكربون الناتج يتم التقاطه وتخزينه، وعدم إطلاقه في الهواء لتجنب الآثار السيئة على بيئة الكوكب، لأن غالبية انبعاثات غازات الاحتباس الحراري «الغازات الدفيئة» تنبع من استخدامات الطاقة بدلاً من إنتاج الطاقة. والمركبات الكهربائية التي تعمل بخلايا وقود الهيدروجين -على سبيل المثال- لا ينبعث عنها إلا بخار الماء والهواء الدافئ، على عكس المركبات التي تعمل بالبنزين والديزل التي تطلق الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري للغلاف الجوي لكوكب الأرض. وقد أدى الاهتمام العالمي بمستقبل الطاقة إلى التركيز على مصادر أكثر وأنظف من مصادر الطاقة الأحفورية «النفط والغاز»، مما جعل عملية إنتاج الهيدروجين الأزرق تكتسب الزخم المستمر كمصدر وقود نظيف للاحتراق، وميسورة التكلفة على المدى القصير، ويمكن أن تحفز إزالة الكربون على المدى الطويل. واليوم بات منتجو الغاز الطبيعي يخضعون لضغوط تنظيمية واقتصادية ومجتمعية، للحد من تأثير سلاسل التوريد الخاصة بهم من أجل الازدهار، من خلال نقل عمليات الانتقال إلى مصادر الطاقة النظيفة الخالية من الكربون؛ لذلك يحتاج أصحاب الموارد ومصادر الطاقة إلى القيام باستثمارات ذكية تقلل من انبعاثاتها الكربونية، ولا يقتصر هذا التحدي على التحكم في الانبعاثات الناتجة عن عمليات إنتاج الطاقة فحسب، بل يكمن أيضاً في تزويد المستهلكين بأنواع من الوقود المنخفض الكربون. ومع تزايد الطلب دولياً على الطاقة النظيفة، ولأن أكثر من 90 % من إمدادات الهيدروجين اليوم تأتي من عمليات تشتمل على الكربون الكثيف، قام منتجو الوقود الأحفوري بتوظيف التكنولوجيا وتكييفها المستدام لتأسيس معامل ومحطات إنتاج الهيدروجين. ومنها المملكة العربية السعودية، بصفتها دولة رئيسية لإنتاج النفط والغاز، ولديها تاريخ طويل في مجال صناعة البتروكيماويات والتكرير، وإستراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى تنويع مزيج منتجاتها من مصادر الطاقة؛ لتصبح أيضاً رئيسية في إنتاج الطاقة المنخفضة الكربون والهيدروجينالأزرق بتكلفة معقولة من خلال تطبيق تقنيات مجرَّبة، ومثبتة الفعالية، لاحتجاز الكربون. وتعدُّ المملكة سبَّاقة بين الدول المنتجة للنفط والغاز إلى مبادرة الاستثمار في إنتاج الطاقة النظيفة. وقد كشفت المملكة عن عزمها إنتاج الهيدروجين الأزرق، في إطار تكثيف جهودها الرامية إلى تصدير وقود خالٍ من الكربون الذي يعدُّ حيوياً في عملية الانتقال إلى الطاقة النظيفة الخضراء، ولتحقيق هذا الهدف سيتم استخدام نسبة كبيرة من الغاز المنتج من مشروع حقل الجافورة الواقع شرق المملكة، الذي تبلغ قيمته 110 مليارات دولار لإنتاج الهيدروجين الأزرق، وفق تصريحات الأمير عبدالعزيز بن سلمان، وزير الطاقة السعودي، خلال مؤتمر حول المناخ في الرياض، ويتم إنتاجه عن طريق تحويل الغاز الطبيعي إلى هيدروجين أزرق، واحتجاز انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وفي الوقت الحاضر بالكاد يوجد سوق عالمي للهيدروجين الأزرق، ولكن التوقعات أن تصل قيمته إلى 700 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2050، إذا تمكن المنتجون من خفض التكاليف وفقاً لموقع «بلومبيرغ جرين». وتقول شركة أرامكو «المشغلة لحقل الجافورة» إن صادرات الهيدروجين الأزرق على نطاق واسع ستبدأ على الأرجح في عام 2030.
الخلاصة:
إن التخطيط الإستراتيجى لتصدير الوقود الخالي من الكربون هو استثمار ذكي لجلب المستقبل إلى الحاضر يؤدي إلى التفوق والصدارة في عملية الانتقال إلى الطاقة النظيفة الخضراء.