م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. نقول: إن الوقت يمضي! لكن لا نقول: كيف يمضي، وإلى أين يمضي؟ وكأننا نرى الوقت ظلاً أو سحابة في السماء سوف تنقشع.. فهو في حسابنا شيء غير ذي قيمة! بينما الوقت هو الأهم وهو الباقي منذ الأزل إلى الأبد.. وهو المؤثر الأول في كل شيء في حياتنا وما حولنا.
2. ونقول مرة أخرى ببساطة وكأننا لا نستهتر بالوقت ولا نهون من شأنه، إن الوقت أعظم طبيب، فمعه تشفى كل الجراح.. ومع ذلك فيجب ألا ننسى أنه هو القاتل الأول للبشرية.. حين لا نستغله أو حين نستهين به أو نتجاهله إلى حد النسيان.
3. ونعرّف الوقت بأنه نهر جارف.. سريع الحركة لا يملكه أحد ولا يستبقيه أحد.. ولا يحبسه أحد في محفظه يضعها في جيبه ثم يفتحها متى شاء فيجده حبيساً هناك.. كأنه جني في مصباح علاء الدين.. مع أننا نعلم علم اليقين أن الوقت هو النهر الذي نعتليه بقواربنا ونسيّر به حياتنا وكل ما يحيط بنا.
4. كلنا نعلم أن الوقت هو الذي يملكنا ويتحكم فينا.. ويدمرنا ويحبسنا وراء جدار التخلف والندم إذا نحن أهملناه.. رأيناه كذرة الهباء وهو أضخم من جبل.. ومع هذا نشكو بكل سفه من طوله ونتنافس على قَطْعه ونفرح بكل ترفيه يُسرّع من جريانه.. ونقضي حياتنا في انتظار انقضائه.
5. هل يمكن تجاوز الوقت؟ هل يمكن السباق مع الوقت؟ هل يمكن التحكم فيه؟ هل يمكن إيقافه؟ تلك هي الأسئلة الأزلية التي ورثناها ولم نجد بعد إجاباتها.
6. لا يوجد في الحقيقة فاصل زمني بين الماضي والحاضر والمستقبل.. فاليوم كان في الأمس غداً.. كما أن غداً سيكون «اليوم».. إن عملية تقسيم الوقت هي أشبه ما تكون بتقسيم ماء النهر المتدفق.. فأين أوله، وأين وسطه، وأين منتهاه؟ ومع هذا نحن كما كان أجدادنا لا زلنا نقسمه إلى أمس واليوم وغداً.. وماضٍ وحاضر ومستقبل.
7. على مدار كافة العصور كانت الأرض بالنسبة للإنسان هي التحدي وهي مقياس القدرة.. أما في عصر التقنية فالوقت صار هو التحدي وهو مقياس القدرة.. وكلما تقدم الزمن بنا وتقدم العمر كلما اكتشفنا أهمية الزمن.. ومع أننا نعلم منذ القدم أنه اللاعب الأول في حياتنا إلا أننا كنا لا نقيم له وزناً، واليوم بعد فوات الأوان عرفنا أن الوزن كله للوقت.
8. منذ فجر التاريخ كان الأكبر يأكل الأصغر.. وكان الأقوى يستولي على الأضعف.. أما الآن فإن الأسرع يفوز على الأبطأ.. والنتيجة إما التجاوز أو التهام الزمن له.. فالزمن لم يعد لاعباً من ضمن اللاعبين بل أصبح هو اللاعب والحَكَم والمُنَفِّذ.
9. حينما يتجاوزنا الوقت نقول إن الوقت قد ضاع.. ونتهمه هو بالضياع ونبرئ أنفسنا من هذه التهمة.. وهذه مأساة البشر الأزلية.
10. تقول العرب وربما يقول غيرهم: (الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك).