الهادي التليلي
السنة الميلادية الجديدة طرقت أبواب حاضرنا وأخرى غادرتنا غير مأسوف عليها وإن كانت السنوات في كل حين ضحية الإنسان وتنمره عليها حيث يصب عليها جام أفعاله وكأنما السنوات من اقترفت المآسي والمحن بل وكأنها من شردت أطفال سوريا في كل أمصار المعمورة وعبثت بمقدرات ليبيا والعراق بل وكأنها هي من دفع الحوثيين إلى اقتراف جرائم لا نهاية لها في بلاد اليمن بل وكأن السنوات هي من ابتدع كورونا ودلتا وأوميكرون وقسمت العالم إلى معسكرات شرقي و غربي والعالم إلى عالم قديم وجديد وعالم متوثب.
سنة 2021 وحتى 2020 التي تم اعتبارها سنة إرهابية لدى الكثيرين كلها بريئة من ذنوب الإنسان وتنمره على أخيه الإنسان في عالم يوشك بين الحين والحين أن يصبح خراباً جراء التسابق النووي وهو التسابق من أجل اكتساب وسائل الفناء.
كل البشرية تعاني من أخطاء البشر في غابة لا نهاية للحرب فيها فالإنسان في هذه المعادلة هو من حدثنا عنه الفيلسوف هوبز إنه ذئب أخيه الإنسان والإنسان هو سادي ومزوشي معاً يتلذذ بتعذيب نفسه وبتعذيب الآخر في الوقت نفسه.
كم نحتاج من وقت لتلافي الآثار النفسية والاجتماعية لكورونا كم نحتاج من الوقت فعلاً سؤال يحتاج لأجيال متعاقبة للإجابة عنه.
كم يحتاج الشرق الأوسط من عشرات السنين لينسى قليلاً ما حصل في السنوات الأخيرة في فلسطين والعراق وسوريا ولبنان وعلى لبنان الغالية لا تسأل كم أضاع أبناؤها من فرص متاحة للنماء والرخاء والتطور.
عام يمر مروراً بلا طعم سوى بعض المرارة التي لا تشبه في شيء مرارة القهوة في قعر الفنجان اللذيذة إنها نكهة الألم الذي ما إن ينتهي حتى يعقبه آخر السنة الإدارية الجديدة التي تأتي في خيلاء مستلم المهام الجديدة كما في الإدارات الواعدة متبخترة بانتظار توقيع استلام وتسليم المهام، سنة تعد بكل شيء الخضرة والسلام والأمن والرخاء للجميع كما في انتخابات العالم الثالث وسنة أخرى بانتظار ذكريات تسلمها زمام أمور هذا العالم قبل 365 يوماً وكيف كانت بالخيلاء نفسها ترى نفسها في الآخر.
عام يعبر وآخر يغادر والإنسان كما هو في مكانه كما الكتاب المتروك المتقادم على رف الحياة كل يوم يزداد ترهلاً وغباراً ولا يشعر بالزمن إلا من خلال التجاعيد وأثر العمر فيه فيحمله خوفه أحياناً إلى صبغ شعره دورياً ونفخ ما ترهل من جلده حتى لا يرى الآخرون شماتة الزمن فيه الإنسان هذا القطرة في بحر مظلم يرى أنه الكون وأنه القادر الوحيد على هلاك الآخرين ولم يفكر يوماً أو ساعة في مساعدة الآخر على التصدي للزمن.
في الحقيقة التوثب للدخول في العام الجديد فرصة جد مواتية للنظر إلى مرآة الذات وتقييم عام كامل من النجاحات والأخطاء عام من الخيبات وبعض النجاحات التي قد لا تعد على أصابع اليد الواحدة وتحديد الأهداف المستقبلية في العام الجديد بعضها في شكل أمانٍ وبعضها في شكل أهداف محددة بجدول تحقيق وبآليات تحقق.
على المستوى الشخصي يجد الواحد نفسه بصدد القيام بعملية الإحصاء لمن فقد من أفراد أسرته وأحبابه جراء كورونا وغيرها ومن بقي على قيد الحياة هذا العام خسرنا فيه كثيراً من الأحبة الذين أدموا قلوبنا بفراقهم كما تألمنا لانكسارات ولكن تعلمنا الكثير الكثير ما يجعلنا ندخل العام الجديد بكثير من الأمل والطموحات.