د.خالد بن عبدالعزيز الشريدة
أطرح هذا المصطلح ليكون نصب أعيننا لوطن هو قبلة العالمين.
حينما نتحدث عن البر.. يتجه فهمنا عادة إلى بر الوالدين ثم الأقربين..
والحقيقة إن هذا المفهوم بحرفيه الباء والراء له من السعة ما يحتاج منا إلى أن نفعله في مختلف شؤون حياتنا.
وحينما نتأمل مفردة البر نجدها ترتكز على ركنين أساسيين رائعين هما الصدق والإحسان. فإذا صحب الصدق الإحسان اكتملت أمور الإنسان.
وانعكست على جودة ورفاهية المكان.
البر الوطني مصطلح أتشرف بطرحه وأعده من أهم المصطلحات التي يجب أن نعتني بها ونتداولها فيما بيننا حيث إن هذا المفهوم يفعّل ويعزز المعنى الأهم في حياتنا وهو البعد الديني مع البعد الأهم في دنيانا وهو البعد الوطني.
إن من الناس من يمارس العقوق الوطني بأفكاره وكتاباته وسلوكياته فتجده يطرح ما يثير وما يفرق دون اعتبار للحمة الوطن ووحدته. وهذا من قصر النظر الذي يحتاج إلى عدد من الأسس في علم الاجتماع حتى يعلم الأثر الاجتماعي لما يقول ويفعل ويكتب ويرسل..!!
هنا بعض الأمثلة وربما لديك الكثير:
فعلى رأس الوظيفة تأخرنا عن الحضور في الوقت المحدد عقوق وطني إذ نحن نعطل مصالح فئام من الناس ينتظرون خدماتنا. ظاهرة التأخر ليست في الحضور فقط بل في الإنجاز كذلك.
كم تجلس المعاملات على مكاتب بعض الإداريين والموظفين والناس تتأخر احتياجاتهم ومصالحهم دون أي مبرر شرعي وقانوني....!!
إن التراخي في الإنجاز جزء من العقوق الوطني.
ولشريحة التجار وأصحاب الأموال أن تضخ أموالك واستثماراتك خارج وطنك عقوق وطني.. للوطن حق البر منك.. وللمواطن في دعمك له وتوظيفه والعناية به... من المصالح العليا ما نحتاج للتفكير فيه.
أرجو أن نفهم قضية مرتبطة بهذا وهي غاية في الأهمية وهي الأمن الوطني فكل عمل نستثمر فيه شاباً هو دعم لأمننا ووقاية من أن يأخذه الفراغ إلى سلوك يعق فيه وطنه.
كل مظاهر الفساد المالي في العقود والتعهدات واستنزاف ميزانية الدولة يعد من العقوق الوطني.
إن عظمة البر هنا أن تفاوض لأي عقد للدولة لإدارتك ومنشأتك وكأنك تفاوض لبيتك ولأسرتك. هنا يتجسد البر الوطني.
أن تقدم من لا يستحق على من يستحق تحت أي مبرر هو عقوق وطني..
وأن تنتدب من تحب دون مراعاة لحقوق غيره عقوق وطني..
وأن تضم في اللجان من تعلم أنه سيبارك مساعيك دون أن يكون له باع في اللجان المعنية عقوق وطني..!!
مجالات العقوق كما البر الوطني يصعب عدها وحدها إذ يعني التزامك بأنظمة المرور واحترامك لرجل الأمن بر وطني..
بل تقديم النصح لأي محتاج في الشارع لأي خدمة وطنية بر بالوطن والمواطن.
إن تناقل ما يشق الصف وما يثير الفتنة ويعزز مفاهيم العنصرية والتفرقة بأي وسيلة اتصال (تغريدة أو سناب أو غيرها) أو أي كلمة أو مقالة أو شيلة أو قصيدة أو فكاهة من أعظم مظاهر العقوق الوطنية..!!
إن إشاعة مفهوم البر الوطني هذا المعنى الحضاري وتبنيه في كل مسارات حياتنا سيقوي انتماءنا لوطننا ويبعث فينا نفساً جديدة وراقية لحياتنا.
أدعو الجميع إلى تفعيل مصطلح البر الوطني واستحضار أن أي تعطيل لأي مصلحة وطنية يعني أننا نرتكب عقوقاً وطنياً نأثم شرعاً بممارسته وبالمثل أي عمل وإنجاز وتسهيل لأمور المواطنين وخدماتهم هو من لب البر الوطني الذي يجزى عليه الإنسان بقدر نفع عمله لعامة الناس.
أختم مقالي بأن الأمثلة لا حدود لها في بر الوطن.. ومنها أن تكون على قدر سمعة الوطن ومسؤوليته حينما تسيح في بلاد العالم أن تكون باراً بوطنك سلوكاً وتعاملاً واحتراماً لكل مكان وزمان تكون موجوداً فيه.
وأجر البر في الوطن أمره عظيم لأنه يشمل الوطن كله.