إيمان حمود الشمري
هذا المقال إهداء لصاحبة السمو الملكي الأميرة لطيفة بنت سعود، الصديقة والأخت:
لم يكن الأول الذي يغادرنا، وبالتأكيد لن يكون الأخير ولكن بعض الغياب لافت كما غياب الأمير نهار بن سعود الذي آلمنا خبره وفجعنا به، صاحب الابتسامة المشرقة التي لم تغب حتى في صور النعي والوداع التي تصدرت مواقع التواصل الاجتماعي، نسأل الله أن يجعله من الوجوه الضاحكة المستبشرة. غادرنا دون إنذار مسبق بتعب أو مرض وإنما على حين غفلة، إذ غيبه الموت في نهار الأربعاء الموافق 22 ديسمبر للعام الحالي تاركاً خلفه بصمات من المواقف الإنسانية والذكر الحسن لأنه سليل أسرة حاكمة لها تاريخ حافل بكرم الخلق والعطاء والتواضع والإنسانية، خيم الحزن حول منزله الذي ازدحمت السيارات أمامه في طابور لا ينتهي تحمل قلوباً تقرع من رهبة الموقف وألسنة تلهج بالدعاء له. في مجلس يحمل صورة الملك سعود- رحمه الله- وعلى الجانب الآخر صوراً تحمل ابتسامته العذبة، الصمت أطبق على أرجاء المجلس الكبيرعدا همهمات تذكر سيرته العطرة ومواقفه الطيبة وسماحته وحبه الكبير لشقيقاته وأسرته ورفيقة دربه أم أولاده.
نهار بن سعود.. عندما يشرق الاسم حتى بغياب صاحبه، كان الأب، والأخ والزوج الحنون والشخصية الملهمة القريبة من القلب بشهادة كل من تعامل معه عن قرب، لم ينم حي الخزامى تلك الليلة من الأصوات التي آلمتنا واعتصرت قلوبنا. إذ يحدث للموت أن يأتي فجأة دونما إنذار مسبق، ويحدث للقدر ألا يمهلنا لنستجمع قوانا ونتهيأ لوداع أحبابنا، أن نحتضنهم ونقول لهم كم نحبكم، وأننا لا نقوى على العيش دون أن نسمع أصواتكم مرة أخرى، فالقدر لا يمهلك سوى أن تطبع القبلة الأخيرة على جبين ميت ولا تعرف إن كانت تلك قبلة امتنان أو وداع أو اعتذار، ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن نقول اللهم لا اعتراض على حكمك فتلك هي حكمتك ومشيئتك، وفي كل بيت لابد من لحظة وداع وفراق ليس لها توقيت، وفي كل بيت عزيز غادر وترك جرحاً من الصعب أن يندمل، وتركنا وحدنا نتعثر بآلامنا وذكرياتنا ودموعنا التي تسقط في كل لحظة وداع وتذكرنا بهم.
نهار بن سعود الأمير الإنسان والابن البار الذي دعت له والدته من فرط حبها له وشدة تعلقها به أن يجعل يومها قبل يومه وقالت: (جعلك أنت من ينزلني بقبري يا وليدي)، فاستجاب لها ربها بأن يجعل يومها قبل يومه، ويقف الأمير نهار على قبرها ويودعها إلى مثواها الأخير قبل عام وبضعة أشهر ولكنه لم يطق البقاء بعيداً عنها أكثر، فغادر هذه الدنيا للحاق بها ورحل عن عالمنا إلى دار الحق حيث الحياة الأبدية التي لا وداع ولا فراق بها. رحمهم الله جميعاً وموتى المسلمين وجمعنا بهم في الفردوس الأعلى دون حساب أو سابق عذاب.