رمضان جريدي العنزي
للثقافة كهربة تضيء العقل والروح، وتغذي المجتمع بالوعي، وتمنحهم البعد الفكري، بعيدا عن التسطيح والهامشية، تنير العقول، وتزيح بؤر الجهل المعتمة، عكس الجهل الذي يصدأ النفوس، ويعتم العقول، ويوهن الأرواح، ويعمي الأبصار، والجهل لا يناطحه سوى العلم، أبدا مثل الضوء يضيء الدروب الضيقة، والدهاليز المعتمة، وكما قيل العلم نور، والجهل ظلام، وهما لا يجتمعان أبداً، ونقيضان للأبد، ولا يتجانسان البتة، مثل الشمس والجليد، والصيف والشتاء، وعلى قول الشاعر:
الجهل يسقط أمة ويذلها
والعلم يرفعها أجل مقام
إن الجاهل عدو العالم، وهو من أشد خصومه، والجهل أشد من البلايا والرزايا، وأخطر من الأمراض والأوبئة، إن الأسقام قد تصيب الأفراد أو الجماعات وتنتهي، لكن الجهل كارثة لا تزاح إلا بقوة ثقافية مضادة، إن من العلامات الدالة على رقي الأمة، انحدار نسبة الجهل، وارتقاء نسبة العلم والثقافة، وتطوير الحراك الفكري والثقافي وديمومته، حتى يتم كنس كل مخلفات الجهل وإزاحة الجهلاء، إن الجاهل ترعبه الثقافة تزيحه وتسقطه، ويفضحه العلم ويكشف ادعاءاته وزيفه، وتصبح أطروحاته وتنظيراته الباهتة في مهب الريح العاتية، إن الجاهل من المصدات والكوابح المعيقة للوعي، وهو ضد الشمس، يحب العتمة، ويكره النور، ومنذ فجر التاريخ والجاهل عدو نفسه وعدو البشرية وعدو الحياة وصيروة التطور والتقدم، وهو ضد ما ينفع الناس، ويؤهلهم للارتقاء، يحب القبح ويكره الجمال، إن القبح والتخلف والحمق والتهور عناوين للجاهل، كونه لا يحب سوى نفسه، وله مطامع واشتهاءات ومصالح ذاتية، والنرجسية عنده عالية، إن العالم أرفع كثيرا من الجاهل، ودرجته عالية عند الله، قال تعالى: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ، فلا يستوي أبدا الجاهل مع العالم، كما لا يستوي مطلقا النور والظلام.