د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
«النهى بين شاطئيك غريقُ
والهوى فيك حالم ما يفيقُ
ورؤى الحب في رحابك شتى
يستفز الأسير منها الطليق
إيه يا فتنة الحياة لَصَبٌّ
عهده في هواك عهد وثيقُ
«جدتي» أنت عالم الشعر والفتنة
يروي مشاعري ويروقُ
لي ماضٍ لم أنسه فيك قد
غصَّ بشدو غروبه والشروقُ»
هذا المقطع الشعري النابض للشاعر السعودي الحالم حمزة شحاتة -رحمه الله- الذي أيقظ مشاعر دافقة نحو محافظة «جدة» المكان والتاريخ وصفوف من المعاني التي جعلتها مميزة جديرة بما هي فيه، وما يتوهج حولها من إمكانات عملاقة بمقطع، فلا يأتي ذكر محافظة جدة إلا وتُذكر قصيدة حمزة شحاتة التي ما زالت أبياتها الأولى تُزيِّن أحد أبرز المجسمات الجمالية على شواطئها؛ ولما أن المكان ذاكرة ومفهوم مقيد بالزمن بأحداث وتطورات تحدد قيمته فإن «جدة» تأتي وهي تتباهى «بمشروع وسطها» الذي أطلقه في هذا الشهر سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان صانع الحضارة السعودية الحديثة؛ وقد تباهت «جدة» تلك المدينة العريقة وهي تحمل تواقيع أخرى باستقبال البصمة الجديدة لاستلهام المكان ولاستنطاقه، فهناك ملامح تفضي عبر المساحات هناك إلى جدة حاضنة البحر الأحمر الذي يبصرُ بعينها ويسمع بأذنها؛ ودائمًا ما تلوح بيدها نحوه بالحب والوعود الفاخرة؛ وتحيكُ ثياب مستقبلها وهي بوابة يدلف منها حجاج بيت الله الحرام حين يقضون تفثهم في مكة المكرمة،،
ومشروع وسط جدة جاء ليعانق شموخ «جدة».
عندما يكون الانتقاء عملاقًا وبصيرًا يتقاصر دونه الخيال، فالبداية رؤية وطنية عملاقة 2030 تشرق في بقاع الوطن ووتستثمر مقدراته؛ ويحمل المشروع جليل الأمنيات في مخيال مسيرة النهوض ووثباته عندما يخطط له العباقرة وعندما يحمله العزم إلى رياض التنفيذ الخضراء!
فإذاما دلفنا إلى سدة المشروع بمنظار الشمولية وجدناه يرسم واقعًا تنمويًا حديثًا تنبؤ عنه تكلفة إجمالية وصلت إلى 75 مليار ريال تضخُ في تطوير 5700 مليون متر مربع من الأراضي المطلة على البحر الأحمر، والهدف سامٍ نحو مدينة سامية حيث «صناعة وجهة عالمية في قلب جدة»، وتصطف في المشروع حزمة من المشروعات تتمثل في دار للأوبرا، ومتحف عملاق واستاد رياضي فاخر، ومزارع مرجانية، فضلًا عن تطوير أكثر من 10 مشاريع نوعية في قطاعات تستهدف تحقيق جودة الحياة تشمل السياحية، والرياضية، والثقافة، والترفيه، وبجانب مناطق سكنية عصرية تضم وحدات بطراز يتجلّى ومشاريع داعمة فندقية تترتقي من خلالها، مصحوبًا ذلك بحلول متنوعة، ولقطاع الأعمال نصيب من المشروع في فرص واعدة وسياق متناغم يبرز الهوية الثقافية والفنون المعمارية الأصيلة لمدينة جدة بقالب عصري ومتجدد، مع تطبيق التقنيات العالية ومعايير الاستدامة وللبيئة محاسن ومحاضن،،
إن هذه المؤشرات الإجمالية في مشروع وسط جدة تومئ إلى أن مدينة جدة تلك الباسقة تاريخًا وثقافة ومجتمعها الحضاري المتشوق لكل جميل يحيط ببحرهم الأحمر من الحقول النامية الخضراء لتكون جدة أنيقة كما شهدناها عندما يعلن فيها وهج جديد، ونرقبُ في وسط جدة استثناء في الحصيلة الثقافية، فالمستراد هناك خصب ووافر والتأسيس متين وتاريخ جدة يتحدث مليًا عن عراقة «جدة».
كما أن مشروع وسط جدة يتماهى مع ازدهارها الحديث في ذاكرة الجماهير
ونرقبُ وثب المشروع بوفير من الشوق، ووفير من التطلع فهي وجهة البحر الأحمر وهيبته، وفي جدة وكل أرجاء الوطن الحبيب تخفق قلوبنا مع كل حجر يضاف إلى البناء، وتشرق لحظاتنا، وأيامنا وتبقى مدينة جدة «ترمومترًا» نقيس به حرارة الحب للبحر الأحمر العملاق الذي تزين وتهيأ لمشاريع عملاقة توالتْ على يد عراب الرؤية ومهندسها سمو ولي العهد -حفظه الله.