سنواتنا طُرقات أمضيناها مشياً وركضاً وهرولة ..
ووقفنا في محطات كثيرة جداً منها ما يشبهنا
ومنها ماهو غريب منا وعنا ..
ووقفات الدنيا لا تكن سهلة ..
فمنها من نحمل بعد المضي عنه حملاً يخلع ظهورنا ومنها من كان ثمناً لارتياحنا ..!
وقد لبثتُ زمناً في كهف لا شمس فيه ولاقمر
أشبه بنومٍ عميق لا حُلم فيه ولا نهاية ..
كُلما جدت الدنيا بجديد يقرضني ذات اليمين وذات الشمال دون أن أعرف ..
مضيت وكأنها واجب لابد له بأن ينقضي ..
حتى وقعتُ ذات شتاء على باب بارد ممسكهُ ورد
موصود بحكمة لا يخترقها خارق .
باب كانت تخرج من خلفه رائحة العسل
وأنغام طير وصوت ماء ونفل .
نُصبت عتبتهُ على امتداده ..!
وكأنها كانت على مقاس قدمَيَّ
مكان لم أقف به من قبل ولا حتى لشيء يشبهه .
مكثت كل تلك السنين وأنا أبحث عن هذا الوقوف .
بعض الوقفات بداية لم نحسب لها يوماً ..
لكنها تبدأ بدايةً طالما انتظرناها وتعبنا لأجلها ..
دائماً أردد أن ميلاد المرء نقطة جعلت حياته أفضل ..
بعدها يمكنه أن يقول أنه ولد مولداً يستحق أن يكون له يوم ميلاد يُحتفى به ..
عدا ذلك أيامٌ صُفت أوراقها في التقويم السنوي .!!
لقد كانت عتبةً ذات ملمس صلب اتزنتُ فوقها .
لقد استقمت حتى أني نظرتُ السماء بعين ضاحكة
لم أكن أعلم قبلها بأن الحياة بها كل هذا السرور .
فُتح الباب الذي طالما جهلته .
وكان بيتاً دافئاً ..!
لم أشعر به ذلك الصقيع من الوحدة .
لم أكن حينها في عُزلة ..!
لقد مُلئت الحياة حياةً من حولي ..
وازدان القمر .
ونُصبت الشمس فوقي ..
وهطل المطر ..
ومات الخريف في عين الربيع خضاراً وزهر...
عتبة .. كانت وقفتها كريمة ..
أغدقت عليّ من طول وقوفي راحةً تفوق ماعانيت .
كل الأيام التي حدثتك عنها زرعتها لي بساتين مثمرة .. إياك أن تنتهي بعد كل هذا الوجود ..
إياك أن يكون هذا هو حظي فقط ..
فأنا وقفت لك حاجة ثم بقاء سيده «أنت»!!
** **
- شروق سعد العبدان