ميسون أبو بكر
أشرت في مقال سابق إلى قصة زوجة رئيس وزراء سنغافورة التي زارت البيت الأبيض في لقائها بميشيل أوباما زوجة رئيس الولايات المتحدة الأمريكة الأسبق وهي تحمل حقيبة يقدر ثمنها بـ15 دولارا، وقد لفتت أنظار وسائل الإعلام العالمية لسر تلك الحقيبة التي تحملها والتي تبيّن بعد ذلك أن طفل من أطفال التوحد هو الذي قام بصنعها، وأن اقتناء السيدة لتلك الحقيبة جاء لدعم موهبة الطفل ولمدرسة التوحد التي ينتسب إليها، وقد تعرّف العالم أجمع لتلك القصة والرسوم التقليدية التي حملتها الحقيبة.
أعترف أن هناك اختلافا ثقافيا بين دولنا في الشرق ودول الغرب في إهداء الهدايا في المناسبات المختلفة، فمعظمنا يختار الهدايا الثمينة التي تكلف الكثير من المال والجهد والتغليف والبحث عن هدية تليق، بينما يفضل الغرب اختيار هدايا تذكارية خفيفة الوزن سهلة الحمل رمزية في أسعارها عميقة في دلالاتها وبحرصون على اختيارها من طابع تراثي تمت لتراثهم وتشكّل مدلولات معنوية وتاريخية وثقافية لديهم لتكون تذكارا يشير لدلالة قوية من الصعب على الآخر نسيانها بل هي كمشروع ثقافي صغير تعرّف بالمكان والإنسان. كثير من البلدان العربية لا نكاد نستثني دولة منها لديها ما يميزها من إرث ثقافي وتراثي يتمثل بالمشغولات اليدوية التي تشير بألوانها وأنماطها إلى المناطق المختلفة في الدولة والتي تتباين كلما اتجهنا شمالا أو جنوبا أو شرقا وغربا، ويمكن أن تشكل أجمل الهدايا التي قد تشكّل أيقونات عربية تفوح بأصالة دولنا وكنوزها الكثيرة.
حقيبة زوجة رئيس الوزراء السغافوري ذات الـ15 دولارا لفتت الأنظار للمشغولات اليدوية السنغافورية ولمدرسة أطفال التوحد واشتغل الإعلام العالمي بها آنذاك، ومن جهتنا يمكننا بعد فتح المملكة لباب الفيز الالكترونية وزيارة السياح لبلادنا في مناطق مختلفة كما الزوار في موسم الرياض وشتاء طنطورة وغيرها من المهرجانات التي أصبحت محط اهتمام العالم بخاصة الغرب الذي يهتم بالتاريخ وحضارة المكان أن يقتني ذكريات تظل تذكر بالمملكة العربية السعودية سواء من حلي أو هدايا للمنزل والسيارة والمكتب وتفتح باب رزق للعائلات السعودية. تعج محلات فرنسا في هذا الوقت من العام بسبب أعياد الميلاد ورأس السنة بالزبائن الذين يختارون - حسب مشاهدتي- من الهدايا أخفها وأكثرها رمزية وبأقل الأسعار لأن الهدية بالنسبة لهم بقيمة الوقت الذي قضوه لاختيارها والرمزية التي ترمز لها، ومدى مناسبتها لذائقة المهدى إليه.
ثم إنهم يحرصون في أسواق الكريسماس وهو وقت أعيادهم الدينية أن يقدموا المنتجات التراثية والأكلات والمشروبات والحلوى الشعبية لتذكير الأطفال بماضي آبائهم ولإضفاء مزيد من القيمة والمعنى على أعيادهم ولقاءاتهم.
أصدقاؤنا الفرنسيون يحرصون على دعوتنا إلى المطاعم الفرنسية الخالصة التي تحمل طابعهم الخاص وتقدم أكلاتهم الشعبية وهذا ما يجعلني أتساءل هل اهتم المستثمرون بالاستثمار في المطاعم الشعبية! ولعل الفترة بعد كورونا ستحمل الكثير من السياح لمملكة الرؤية التي يتطلع السياح الغربيون لزيارتها فهي التي ظلت مؤصدة طويلا واليوم هي بلاد العجائب والمواسم.