م. عبد العزيز بن عبدالله حنفي
قال تعالى: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي) (الفجر: 27)
الموت حقٌ علينا جميعاً، ولا راد لقضاء الله ولكن الفراق صعب لا سيما لمن له بصمات في حياة الناس ومنهم أخي الصديق الدكتور واصف أحمد كابلي رائد العمل الخيري، الذي وافته المنية بالمدينة المنورة الأربعاء 11 جمادى الأولى 1443هـ ودفن في بقيع الغردق بعد أن ترك سيرة طيَّبة عنوانها التواضع وإنكار الذات. أحب الناس فأحبوه وأعماله الخيرية وعطفه على المعاقين ومؤلفاته العظيمة وأعماله التجارية والاجتماعية، فهو رجل بأمة لذلك تحيّرت في رثائه! هل أذكر أعماله الخيرية؟ أو أتحدث عن مؤلفاته وهو مفكر إسلامي؟ أو عن المطّوف أو التاجر الناجح؟
فآثر قلمي أن يكتب عن ما يعرفه عنه من الأعمال الخيرية، حيث أنشأ في عام 1412هـ «مركز نداء الأمل لتأهيل المعاقين بجدة»، ويُعد من أنجح المراكز لحماية وتأهيل ومراقبة أحوال المعاق وحسن معاملته وعلى مر السنين أصبح نموذجاً وقدوة لكل من أراد أن يُقدِّم خدمة مميزة في مجال الخدمة الاجتماعية وكان -رحمه الله - يدعو رجال الأعمال لزيارة المركز والشركات والبنوك المساهمة فيما نقص في خدمة هذه الفئة الغالية من الأبناء الذين تجاوزوا سن الرابعة عشرة عاماً ولديهم تخلّف وتوحّد حركي مضاعف ولذلك أصبح -رحمه الله - لديه خبرة عبر السنوات في تأهيل المعاقين، وكان يسعى دائماً في البحث فيما هو جديد ومفيد لرعاية المعاقين.
كان -رحمه الله - يقضي جلّ وقته في قضاء حوائج الناس سواءً بجاهه أو ماله؛ ولذلك نجده يتنقّل من مكان إلى آخر، وكان دائماً يذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم «ولأن أمشي مع أخٍ في حاجة أحب إليّ من أن أعتكف في هذا المسجد - يعني - مسجد المدينة المنورة- شهراً، رواه ابن عمر رضي الله عنه.
كان -رحمه الله - يرأس «منتدى الروضة الفكري والاجتماعي» يستضيف فيه نخبة من المشايخ والمفكرين في منزله العامر بعد صلاة الجمعة من كل أسبوع يناقشون مواضيع تدعو للتسامح والوسطية ونبذ العنصرية المقيتة.
كان -رحمه الله - له العديد من الأعمال الخيرية خارج المملكة، منها في جنوب إفريقيا، حيث أسس كلية متخصصة لتدريس الوسطية وإقامة جامع أبي بكر الصديق في جوهانسبرغ، وأسس مركز خالد بن الوليد في الأكوادور للتقارب بين المسلمين والمسيحيين وخدمة المجتمع وعدم الإساءة إلى البشرية ونبذ العنف، ولذلك كان -رحمه الله - ينبذ التصنيفات الطائفية والقبلية ويردد دائماً قول الله تعالى (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) (الحجرات: 13).
د. واصف -رحمه الله - كمفكر إسلامي له العديد من المؤلفات أثرت المكتبة الإسلامية، منها مؤلفاته التي اعتنى بطباعتها وتوزيعها والتي وقفت على بعضها: سيد الأولين والآخرين -صلى الله عليه وسلم - ، وسيرة حمزة وعبدالله بن العباس رضي الله عنهم، وسيرة خديجة رضي الله عنها، وخواطر في الأنوار والأسرار والأربعين الكابلية وقرة كل عين في مناقب الحسن والحسين وغاية المطالب في مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، والخواص العظمى في أسماء الله الحسنى.
أدعو الله أن يغفر ويرحم د. واصف كابلي ويجعله في عليين مع الأنبياء والشهداء لما قدّم من أعمال تخدم دينه ومجتمعه، وأدعو أبناءه لإكمال مسيرة والدهم المباركة في الأعمال الخيرية التي قام بها لكي تستمر في عطائها.
وبالله التوفيق،،،
** **
- رئيس مجلس إدارة جمعية خيركم بمحافظة جدة