ما زِلْتَ تَلْهَجُ بالتاريخِ تَكْتُبهُ
حتَّى رأيْنَاكَ في التاريخ مكْتُوبَا
جادت الموت عامرة بسير من انتهت أيامه في الدنيا إلى دار النعيم المقيم بمشيئة الله ورحمته، فبالأمس القريب انتقل إلى رحمة الله الأستاذ صالح بن ناصر الطعيس، وذلك يوم السبت 29-4-1443هـ، وتمت الصلاة عليه بعد صلاة العصر في جامع الملك خالد بالرياض، ودفن في مقبرة (صفية) بمحافظة حريملاء - تغمده الله بواسع رحمته -، وتمتد معرفتي بالأستاذ صالح لعقود طويلة، حيث سعدت بزيارته لأول مرة لمنزلنا بحريملاء وهو ما زال في ريعان شبابه وحيويته، مُبدياً رغبته في الاطلاع على بعض المعالم والقلاع والحصون الأثرية ومسمياتها التي شيدها الأوائل بحريملاء، ثم تركوها لمن بعدهم لتبقى ذكرى خالدة ملوّحةً بمآثرهم وأعمالهم على مر السنين، وقد التقط صوراً لتلك المآثر والآثار، فأودعها في باكورة إنتاجه: كتابه النفيس الفريد من نوعه الذي أصدره بعنوان أسماه (مدينة حريملاء - جغرافية منطقة الشعيب)، والذي صدر في عام 1399هـ، ويعد من أوائل من كتب عن مهوى رأسه محافظة حريملاء، حيث ساعده في ذلك تخصصه العلمي في الجغرافيا وشغفه بالتاريخ، وقد استعان خلال بحثه بإجراء لقاءات مع بعض كبار السن وأهل الخبرة في تحديد مواقع بعض الأمكنة ومسمياتها بحريملاء، ومنهم أخي محمد بن عبدالرحمن الخريف ومحمد بن ناصر العمراني رحمهم الله جميعاً.
وقد أطّل على الدنيا مولودا عام 1365هـ بحريملاء، ونشأ مع والديه، وبعد بلوغه السابعة من عمره التحق بالمدرسة الابتدائية ببلجرشي فيما كان والده يعمل هناك، وبعد السنة الرابعة انتقل إلى الرياض مواصلاً دراسته في المرحلة المتوسطة والثانوية إلى أن تخرج من الثانوية القسم الأدبي بامتياز، حيث كان ترتيبه الخامس على مستوى المملكة العربية السعودية وذلك عام 1389هـ، ثم التحق بجامعة الملك سعود كلية الآداب قسم الجغرافيا إلى أن نال البكالوريوس عام 1393هـ، والتحق بالعمل في وزارة الشؤون الاجتماعية عام 1393هـ، وتدرج في العمل إلى أن وصل إلى وظيفة مدير عام التفتيش العمالي بالمرتبة الرابعة عشرة، كما عين محاضراً في معهد الإدارة عام 1409هـ، وخلال مسيرته المهنية الطويلة شارك في تمثيل المملكة العربية السعودية في عدة مؤتمرات في دول عربية منها: العراق وتونس ومصر والبحرين إلى أن تقاعد عام 1425هـ، وقام بالعديد من الجولات الاستطلاعية والسياحية على كافة دول الخليج العربي، وكذلك مدن وقرى المملكة العربية السعودية، وكان بارًا بوالديه واصلاً لرحمه محبًا للجميع، عطوفًا على اليتامى والارامل، وقد صدر له كتابان، كتاب مدينة حريملاء وكتاب إصابات العمل، وله عدة منشورات في مَجَلاَّت مختلفة مثل المجلة العربية وغيرها..، - رحم الله الأستاذ صالح بن ناصر الطعيس - والهم أبناءه وبناته وإخوته وعقيلته (أم ناصر) وأسرة آل طعيس كافة، ومحبيه الصبر والسلوان.
فَأَحسَنُ الحالاتِ حالُ اِمرِئٍ
تَطيبُ بَعدَ المَوتِ أَخبارُهُ
يَفنى وَيَبقى ذِكرُهُ بَعده
إِذا خَلَت مِن شَخصِهِ دارُهُ
** **
- عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف