فضة حامد العنزي
قلبي ينزف؛ فالحبُّ أصبح متعبًا، والفقدُ متعبٌ، وظروفُ الحياةِ متعبةٌ.. والأشخاصُ حولي لا يعلمون. أعيش وحيدةً دونَكِ أمّي وإن كان الكلُّ حولي.. ففي قلبي كلام كثير يحتاج لحضنك ولمسة كفيك الناعمتين ولتَرْبِيْتِكِ الحنون على كتفي وعناقكِ الدافئ يا أروع أمٍّ وأجملَ حِضْنٍ وأكبرَ حُبٍّ أثق به.
قلبي يؤلمني أمّاه، إنّي لا أراكِ.. أحتاج إليكِ كثيرًا في حياتي، وأحتاج إلى كلامكِ ونصائحكِ، حتى ابتساماتكِ واللهِ اشتقتُ لها، كل شيء كان معكِ من ذكريات وأشياء لا تُنسى أحتاج إليها، فلقد افتقدتُ أُنْسَ وجودِكِ.
آه.. إنّي أبكي يا أمّي، لا تحتضنني سوى الوسادة.. ولا تجفّف دموعي سوى يدي، ولا يحادثني أحد مثل أنس حديثك.. أمّا مناجاتي لربّي فهي دواء وبرء ورحمة وراحة وأُنْسٌ وغنيمة وسكينة.. أحلّق يا أمّي عاليًا بين غيمات السماء الباردة برودةً ممزوجة بدفء يتخلَّلها، وتسري تلك البرودة اللطيفة في روحي وقلبي وفكري وجسدي؛ لأجد نفسي سعيدةً متعطّرةً بالراحة دائمًا عند ذكر ربّي ومناجاته.
أمّي.. أرجو من الله أن تكون دعواتي واستغفاري لك رفعة لك في الدرجات؛ كما جاء في الحديث عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ الرجلَ لَتُرفَعُ درجتُه في الجنَّة فيقول: أنَّى هذا فيقال: باستغفار ولدك لك». رواه ابن ماجة وصححه الألباني.
ففي كلّ يوم وكلّ لحظة أدعو لك يا أمّي.. أتصدَّق.. أعمل.. أفعل أيَّ شيء يكونُ بِرًّا بكِ حتى وأنتِ تحتَ الثَّرى الطاهر.. يا طاهرة الأخلاق.. ويا نقيّة القلب.. ويا جميلة الملامح.. يا طيبة السمعة.. وحسنة الذِّكْر؛ أنتِ أمي.. لهيده بنت عابر العنزي.. امتدادٌ لجدّاتي رحمهنّ الله.. نساء طيبات.. عُرِفَ عنهنّ ذلك.. وكنتِ خيرَ مثال أنتِ يا أمّي في صورتهنّ وسِماتهنّ. أسأل الله دائمًا أن أكونَ مثلَك أمّي؛ ومثلَهنّ؛ فأنتِ أجملُ مَن رأيتُ، وجدّاتي أروعُ ما عرفتُ.
أمّي.. مصحفك لديّ أقرأ منه فجرًا وفي أغلب أوقاتي.. خِمارُكِ العَبِقُ في دروجي أشمُّه وأشعر بالراحة وأبلِّله بدموعي الحَرّى وأشهق شهقة طفلة يتيمة تحنّ.
نظّاراتك في حوزتي وبعضُ أشيائك يا حبيبتي.
قلبي يؤلمُني أمّاه.. لكنْ لا يَجْبُرُني إلا اللهُ.