صالح بن أحمد بن عبدالله البادي
منطقة الخليج مرت بتحديات وفرص كبيرة بأحجامها الاقتصادية والاستثمارية يضاف إلى ذلك تشكلها وموقعها الاستراتيجي وكذلك خروج ثلث نفط العالم عبر مضيق هرمز وثراء صناديقها السيادية وعمر وتفاعل شعوبها حيث يمثل النسبة الغالبة من شعوبها شباب يتطلعون بشغف لمستقبل أروع يضاف بشكل متجدد إلى ما تحقق من نمو ونهضة كبرى بالمنطقة.
كما أننا أمام شعوب تتجدد وتنظر للمستقبل بشغف يرونه في قياداتهم المباركة وتخطيطهم المبدع الناجز.
سيركز المقال على الجانبين الاستثماري والاقتصادي لأنهما يتصدران المشهد الخليجي وسيظل الأمر كذلك لسنوات طويلة قادمة. كما سيركز المقال على الجانب الاستراتيجي لأهميته وأهمية البدء منه لأنه أهم جزء من أجزاء تركيز توجيه البوصلة الخليجية.
استفادت دول المجلس من التحديات والفرص وصنعت بها قدرات وإمكانات عالية التسارع والأداء في اقتصادها. بل تمكنت المنطقة من رفع نسبة وحجم قيادتها للفرص والتحديات بالمنطقة وصنعت ممكنات متجددة عالمية وإقليمية ممكنة لمكانتها ودورها الاستثماري والاقتصادي.
من الواضح جليًا أن هناك توجيها أدق وأوسع لاتجاهات البوصلات الخليجية المقبل وممارسات الشراكات الدولية والإقليمية المقبلة في الشأنين الاستثماري تحديدا والاقتصادي عموماً.
سيمضي الخليج بنتائج قمته إلى مستقبل متجدد ورغم أني كتبت مقالي من عدة أيام لكن مشاغل كثيرة أجلت طرحه.
وجه العالم بوصلاته المتعددة المتجددة السياسي والاقتصادي والاستثماري باتجاهات معينة، لكن الخليج أدهش العالم في تسارع دوله في الانتقال الاستراتيجي في الجوانب الاستثمارية والاقتصادية خلال العشر سنوات الماضية وحجم الأثر والقدرات. ولقد تحرك عنصر الوقت والتسارع والحجم والأثر ليشكل مع العناصر الأخرى أولويات صنعت ذلك التوجه وحققت ذلك النجاح خصوصا في استثمارات البتروكيماويات من جانب واستثمارات الحصص مع الكبار في الدول المتقدمة ومشاريع اللوجستيات الكبرى المتعارف عليها وكل ذلك صنع التوجه العالمي لهذه المنطقة.
أضحت منطقة الخليج أكثر قدرة وتمكن ومكانة بالشراكة في تجديد وتحديد اتجاه البوصلات مستندة لأمور رئيسة تبدأ من القيادات المتجددة التي تقود المنطقة لعالم جديد سيشهد لنا فيه أننا نصنع مكانة جيدة شراكة مع العالم. كما أن الكم المعرفي والثراء الاستثماري الاقتصادي المكتسب لسنوات طويلة شكل ذلك التوجه،
ثم احجام الاقتصاد بصناديقها السيادية المختلفة وحجم أثرها الإقليمي والعالمي ثم التسارع وجودة توجيه البوصلات الاستثمارية باتجاهات أكثر شغفا وريادة سواء في مستوى الإرادة لذلك الهدف أو في التخطيط والتنفيذ المبدع الممكن . سأركز أكثر وبشكل استراتيجي على بوصلتي الاقتصاد وفرعها المتجدد الاستثمارات الخليجية بالداخل والخارج من منظور استراتيجي فقط.
لقد زاد شغف التحولات العالمية والخليجية واحجام الأثر الاقتصادي والاستثماري ومقدرات الاقتصاد ومستقبله لعالم أكثر تحفيزا ومصالح وتعاون بين دول منطقة الخليج ومع العالم الاستثماري العالمي المفعم بروح التجدد بعد أزمة كوفيد - 19 وقبل ذلك أزمة النفط وتحدياتها، وأضحي عنصر الاقتصاد إجمالاً والاستثمارات خصوصاً العنصر الأهم في النقاشات خلف الأبواب وأمامها، هذا يجعلنا نتحفز أكثر لعالم يريد أن يكون النمو الاقتصادي إجمالا هدفه. وان يبتعد لحدود آمنة من تحديات تؤثر في ذلك الهدف.
إن السياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة. لكن حتى رواد السياسة العالمية انشغلوا بتنافسية أكبر بين عمالقة الاقتصاد العالمي لينتج تغير عجيب وضخم في أشكال وتوزع ونافذية الخرائط الاقتصادية والذي يستدعي تغيرا متجددا في خرائطك الاقتصادية والإقليمية وإعادة تهذيب اتجاه البوصلات الخليجية خصوصا مع التوافق الكبير المتحقق بين أعضاء مجلس التعاون لتشكيل قراءة عميقة تتجدد دائما.
صارت المنطقة ماضية فكونت تحالفات إقليمية أكثر متانة وأشد تعاونا وأعلى تنسيقاً وأعمق مصلحة وتكاملاً لصالح بناء تحالف إقليمي سياسي استثماري اقتصادي مفعم بالمصالح الخليجية والعالمية والتعاون الإبداعي والتكامل الجغرافي.
مضت المنطقة باتجاهات تحالفات مميزة تتشكل في عمقها وأثرها وصيرورتها إلى علاقات متجددة أكثر شفافية ومتانة انبنت وستنبت مصالح حقيقة للشعوب والأوطان أكثر وضوحا وتجددا.
تتجه بوصلات المنطقة لذات المركز المستهدف من المصالح المشتركة من حيث التفاعل الإقليمي والشراكة العالمية. نرجع ذلك النسق المتجدد للمعطيات التي نذكر تاليا في هذا المقال مسبباتها وصيرورتها من منظور استراتيجي يمكن من البناء عليه لتحقيق مشاريع تفصيلية تحقق هذه الرؤى السديدة المتجددة.
إن القيادات السياسية وبناء على ثراها السياسي وتجددها الاستراتيجي تصيغ علاقات كبرى استراتيجية وتقدم أولويات المنطقة وأهدافها بشكل موسع للعالم المتجدد وتشكل تحالفات فيما بينها أقرب للاتحادات في نسق عادل متمكن بين دولها وتلك من أهم معطيات ومدخلات تجدد وإعادة ضبط بوصلات المنطقة باتجاهات أكثر تركيزا وأشمل أثرا.
إن النتائج الاقتصادية والاستثمارية بالمنطقة تنمو بشكل كببر سياديا وكقيمة وناتج محلي، وهذا النمو سيكون له كذلك مسار سياسي تفاعلي يتوافق مع معطيات متعددة أحد أهم أركانها التوسع الاقتصادي حجما ونوعا وقدرة وبناء توازنات وممكنات مهمة بين الشرق والغرب تجعل المستقبل أكثر متانة وأثرا واستدامة. كما أن التوجه المتجدد للاعتماد أكثر على الداخل يعد من أولويات نجاح صناعة مستقبل اقتصادي واستثماري مكين بالمنطقة يكون ذا قوة واستدامة. إن فرص المنطقة والتمازج الفاعل مع التوجهات العالمية يبدو جليا. ولقد حصدت المنطقة الكثير من معطياتها على ذلك الثراء المعرفي والقدرات السياسية لتصنع منها مستندة على قدرات عالية من التعاون والتمازج الناعم المبني عبر مصالح اقتصادية واستثمارية مشتركة ومستدامة وبعيدة المدى، وهي معطيات تحقق استدامة أكثر وفكر متجدداً يسعى بشكل منهجي لبناء مستقبل أكثر أثرا ومصالح بالمنطقة. كما أن منطقة الخليج تمضي باتجاه سنوات تحالفات عالمية اكبر وأكثر أثرا وتفاعلا، أضف إلى ذلك أن اقتصاد المنطقة يدخل مناطق أكثر جرأة من ذي قبل ويتشكل معه هياكل تتابعية من الشق السفلي من الاستثمارات والكنتونات الاقتصادية.
كما أن منطقة الخليج أضحت مؤثر إقليمي وعالمي أكثر فاعلية وأثرا في الاستثمارات عموما وفي البتروكيماويات و اللوجستيات وأنواع الطاقة المتجددة خصوصا وهذا يحتاح كذلك لتشكيل قدرات سياسية واقتصادية موثرة يصنعها عنصرو التحالفات والحجم.
لقد أسهم الثقل الاقتصادي الذي تشكل في المنطقة وحولها وبالعالم أضحى مؤثرا مهما لا بد أن يدعمه ثقل سياسي أكبر وتحالفات أكثر تنظيما.
كما أن المنطقة تتجه بشكل معين إلى بناء يتشكل أكثر من تحالفات وسيتطور ليشكل اتحادات وهذا يعني ضرورة بناء شراكات أكثر عمقًا وأثرا فالمراحل المقبلة من هذا التشكل في تقديري واستنادا إلى معطيات متعددة سيكون مستقبلا اتحادات بأشكال متعددة.
هذه الأشكال ليس شرطا أن تكون أشكالا تقليدية لكنها ستكون أشكالا متعددة ثنائية أو أكثر وستتشكل بشكل آلي، سيغلب في هذا التشكل الثنائي والمتعدد المتكامل نوعان من التحالفات.. تحالفات اقتصادية استثمارية استراتيجية وتحالفات سياسية استثمارية استراتيجية. وكل تشكيل منها معين يغذي الآخر بذات النسق في تشكل يعطي المنطقة جزءا كبيرا من حقها من المكانة والقدرات والتفاعل في عالم المستقبل القريب والمتوسط والبعيد.
لقد أضحت بعض الأفكار المختلفة في أجزاء من هذا التشكل المنتظر أقل أهمية من مصالح محددة عليا وذات آثر كبير، فصنعت كل هذه التشكيلات المتجددة من هذه العلاقات كما يصنع مهندسو لامبرجيني سياراتهم الفارهة.
من الجلي أن هناك تعديلاً في الأولويات بأنواعها بالمنطقة وبالتالي تصنع التوجهات حسب اتجاه البوصلات المتجددة وهذا أمر مميز فالشعوب الحية تتجدد بتوقيت وبتشكيل أصح وأكثر عمقا وأثرا وبتسارع يتوافق ويزيد عن تسارع الدول ذات الأثر العالمي ليكون للمصالح والشراكة حقها الشامل الكامل.
وعليه فالتجديد والتجدد سنة الحياة منذ الأزل وللأبد لكن التسارع الكبير في الوقت مهم لأن المتغيرات متسارعة والقرارات أكثر تسارعا. والمصالح ترتفع مع قدرتك على التسارع في قراراتك مع ثبات معظم الثوابت العليا بعمومها وليس بتفاصيلها والجودة والشمولية والتكاملية والأفق الرحب. كما أننا نلاحظ تحديد فكري استراتيجي عالي الأهمية ينشأ في منطقة الخليج بطرح متجدد ولذلك نرى أن ذلك سيحقق مسارات أروع من التكامل والتوحد المركز.
فالتفاصيل احتمالات تعديلها وتحددها عالية جدا وسريعة وهي المحققة لمعظم المصالح العادلة بتوقيتها الأصح.
لكنها دوما وأبدا فإننا نضع ونغذي سياسات عليا تكون هي المقود الضخم الرائع الذي يقود توجيه بوصلات المنطقة باتجاهات المصالح العليا المشتركة للمنطقة والعادلة والتنافسية والأكثر استدامة ورسوخاً.
** **
- سلطنة عمان
Salehalbadi555@gmail.com