رمضان جريدي العنزي
أحب مصاحبة الناس البسطاء، لأنهم يجلبون لي الراحة المطلقة، كونهم لا يتفاخرون ولا يتعالون، ما عندهم غطرسة ولا عجرفة ولا فوقية ولا ذاتية ولا يهتمون بتوافه الأمور، صادقون ولهم وضوح عجيب، لا هم أنانيون ولا أصحاب أقنعة ويمقتون التلون والتبدل، ولا يعرفون الكذب والرياء والهياط، أهوى الحديث إليهم ومؤانستهم وصداقتهم، كونهم لا يتمنون من الدنيا سوى الرضا والأمان والستر، أستمد منهم الكثير من الحب والود والحنان، يستقبلونك بابتسامة ويودعونك بأخرى، أنيسون، ما عندهم قلق ولا توتر ولا قهر، لا يغضبون كثيراً، ويحاولون أن يفرحوا كثيراً، متفائلون، يرون الحياة بمنظار مختلف، لا يعرفون العقد، ولا يفتعلون المشاكل، ما عندهم حقد ولا حسد ولا بغضاء، البسطاء يرون الجمال في كل شيء، ويمقتون القبح في كل شيء، لا يهتمون بالمشاكل ولا يبحثون عنها، بعيدون عن نشرات الأخبار السيئة، والأحداث الشنيعة والكوارث، وغير مهووسين بأسعار العملات والأسهم، لهذا نراهم يضحكون عندما يبكي الناس، ويفرحون عندما يحزن الناس، أحلامهم تناسب حياتهم، وطموحاتهم على قدر حالهم، البسطاء يعيشون الحياة كما هي من غير زخرفة وتلون وبهرجة وهياط، هم أقرب للطبيعة وللفطرة، بعيداً عن الصعوبة والتعقيد، سمحون وتلقائيون ويسيرون، لا يشمخون بأنوفهم نحو السماء، يقصدون في مشيتهم، ويغضون من أصواتهم، لا يعانون من خلل في ذواتهم، ولا ريبة في أنفسهم، وسلوكهم غير فج ولا سمج ولا مشين، وأخلاقهم عالية، وتعاملهم رقيق، فيا أيها الناس المتعالون المتكبرون رويداً بأنفسكم، كونوا بسطاء سمحين، وابتعدوا كثيراً عن الصلف والكبرياء والغطرسة، فلا هي من علامات الفوز، ولا من سمات النجاح، ولا من دلائل علو الهمة، وارتفاع المكانة، واعلموا بأن أعظم الناس هم أبسطهم، وقد كان الأنبياء كلهم عليهم السلام أصحاب رحمة وتواضع ومحبة وهدوء وسلام، واعلموا أيضاً بأن الحياة كلها قصيرة وبسيطة ولا تحتاج التعقيد وتزييف الأمور والحقائق.