فضل بن سعد البوعينين
أعاد سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الحياة إلى «وسط جدة» بمشروع تنموي شامل، يعزز المكانة الاقتصادية للمدينة والمنطقة، ويرفع من تنافسيتها، ويستثمر المقومات السياحية والثقافية والتاريخية المتاحة لخلق وجهة عالمية، وإعادة تطويرها وفق رؤية مستقبلية تمكنها من أن تصبح ضمن أفضل مائة مدينة على مستوى العالم.
استثمار الساحل، والمساحات المهملة فيه، وإعادة تطوير الواجهة البحرية وتحويلها إلى منطقة حيوية ووجهة سياحية وسكنية وتجارية لن تنعكس إيجابًا على الحركة الاقتصادية والتجارية، وجودة الحياة وقطاع الإيواء فحسب بل وستسهم في خلق بيئة جاذبة تسهم في تطوير المحافظة وخلق إنموذج فريد للقرى السياحية مكتملة الخدمات التي تحتاجها غالبية محافظات المملكة.
منذ أن أطلقت رؤية 2030 والحديث لا يتوقف عن التطوير الشامل، وخلق الوجهات السياحية النوعية، واستثمار المقومات، إلا أن التركة التنموية، وحجم المشروعات الضخمة تبطء من عمليات الإنجاز السريع، الذي يتلهف المواطنون رؤيته، وأحسب أن استهداف مساحة محددة من الأرض بالتطوير، واستكمال خدماتها، وتنفيذ المشروعات النوعية فيها ستسهم في تحقيق الإنجاز السريع، وخلق البيئة المتجانسة في المشروع، وتحقيق أهداف التطوير الشاملة في قطاعات عدة كالسياحة، الترفيه، الثقافة، الرياضة، البيئة، والإسكان في آن. إضافة إلى إبراز نموذج الإنفاق الرأسمالي المعزز لخلق الفرص الاستثمارية وتوليد الوظائف والداعم للقطاع الخاص، الأكثر استفادة من مشروع «وسط جدة» واستثماراته التي تناهز 75 مليار ريال.
انعكاس المشروع على الاقتصاد الكلي، وخلق الوظائف والفرص الاستثمارية، أمر غاية في الأهمية، حيث سيسهم المشروع في تحقيق قيمة مضافة لاقتصاد المملكة بما يقرب من 47 مليار ريال بحلول عام 2030، كما سيسهم في خلق الوظائف والفرص الاستثمارية الداعمة للقطاع الخاص. تدفق الاستثمارات المحلية والأجنبية من المكاسب المتوقعة أيضًا. ستفتح مراحل التطوير الأولى المجال أمام القطاع الخاص المحلي للمشاركة في تطوير وتشغيل قطاعات اقتصادية واعدة، وستكسبهم الخبرات العالمية من خلال الشراكات مع شركات التطوير الأجنبية، وستفتح باب التوظيف على مصراعيه خلال فترة التنفيذ، ومرحلة ما بعد إنجاز المشروع. تطوير قطاعي الإيواء والإسكان بمشروعات نوعية حديثة سينعكس إيجابًا على الحركة السياحية في المحافظة، وسيخلق نموذجًا يُقتدى به لكل من يريد رفع تنافسيته في السوق. لا مجال لبقاء المشروعات الضعيفة والخدمات متدنية الجودة مع دخول منافسين أقوياء للسوق، وهذا ما أتوقع حدوثه.
إعادة استثمار مواقع حكومية يتعارض وجودها مع طبيعة الواجهة البحرية، وجمال الكورنيش، وترابط أجزائه، وحقوق السكان البيئية، من أدوات إعادة التنظيم الداعم لأنسنة المدن، وتحقيق متطلبات جودة الحياة، والاستثمار الأمثل للمقومات السياحية الجاذبة للسياح، والمحسنة للمنظر العام، والتي تعالج التشوهات البصرية، والملوثات البيئية، وهو أمر أرجو أن يطبق على جميع المنشآت الحكومية، وغير الحكومية، التي تحرم السكان من الاستمتاع بالشواطئ الجميلة على البحر الأحمر، والخليج العربي.
تطوير «وسط جدة»، هو جزء من منظومة متكاملة من المشروعات النوعية التي تهدف الحكومة من خلالها إلى تنمية جميع مناطق ومدن المملكة، وبما يتوافق مع «رؤية المملكة 2030»، لذا أقترح أن يعاد استنساخ مشروع وسط جدة في جميع مناطق المملكة، لأثره المباشر على التنمية وخلق الوجهات السياحية والثقافية والرياضية النوعية، من خلال قرى متكاملة الخدمات يمكن أن تتحول إلى وجهات تخدم سكان المناطق، وجذب السياح من الداخل والخارج، وخلق الفرص الاستثمارية والوظيفية، والمساهمة في دعم اقتصادات المناطق، والاقتصاد الكلي.