فدوى بنت سعد البواردي
مصطلح «ميتافيرس»، أو ما يُعرف باللغة الانجليزية بمصطلح Metaverse، هو كلمة تعني «ما وراء الكون»، وتُستخدم خصيصاً لوصف مفهوم الإصدارات ثلاثية الأبعاد المستقبلية للإنترنت. ويتم الوصول لتلك الإصدارات عبر نظارات الواقع المعزز أو الواقع الافتراضي أو منصات الألعاب أو الجوالات.
ومن الجدير بالذكر أن هناك فرقاً بين الواقع المعزز والواقع الافتراضي...
حيث إن الواقع المعزز يعتمد على مزيج من الخيال والواقع. فهو يقوم بإدخال عناصر افتراضية بجانب ما نراه حقيقة من حولنا. وبالتالي، فإننا نحصل على واقع جديد مؤلف من المكونات الفعلية التي نستطيع لمسها بأيدينا، بالإضافة إلى مكونات افتراضية نستطيع إدراك وجودها ولكن لا نقدر على لمسها بأيدينا. ومن أشهر تطبيقات الواقع المعزز هو فلاتر تطبيقات التواصل الاجتماعي عبر الجوالات.
أما الواقع الافتراضي، فهو عالم خيالي ومحاكاة يتم إنشاؤها لعالم بديل، غير واقعي أو فعلي، ويتم الوصول للواقع الافتراضي عن طريق نظارات خاصة أو سماعات للرأس أو قفازات متخصصة. ويُستخدم الواقع الافتراضي بشكل كبير في ألعاب الفيديو وفي الأفلام ثلاثية الأبعاد.
وقد أصبح مصطلح «ميتافيرس» منتشراً في الآونة الأخيرة بعد أن قامت بعض شركات التكنولوجيا الكبرى مثل فيسبوك بتصريحات إعلامية بأن هدفها جعل عالم «ميتافرس» الافتراضي مكاناً ومساحة متاحة ومستخدمة من قبل الجميع، لممارسة العمل والدراسة والتسوق واللعب، عبر شبكات الإنترنت. كما قامت شركة فيسبوك بإطلاق تسمية «ميتا» على شركتها الأم.
ومستقبلاً.. وفي غضون الـ20 أو الـ30 عاماً المقبلة، قد يصبح الخيال هو الواقع الجديد. وقد نجد أنفسنا نذهب إلى العمل، عبر نظارات الواقع الافتراضي من خلال عالم ميتافيرس الخيالي، بدلاً من قيادة السيارة فعلياً للوصول إلى مكان العمل، ومن ثم مقابلة الزملاء وحضور الاجتماعات وقضاء اليوم في عالم ميتافيرس وتنفيذ المهام اليومية المكلفين بها، بينما نحن فعلياً لم نغادر منزلنا.
وقد نجد أنفسنا أيضاً ندخل إلى متجر تجاري افتراضي، بنفس الكيفية، ونكون قادرين على التجول في أنحائه، ورؤية المنتجات المختلفة، واختيار المناسب منها، وإتمام الشراء، ثم القيام بطلب توصيلها إلى المنزل عبر روبوتات توصيل أو درونز طائرة، تعمل بتقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء.
ولقد بدأ بعض المستثمرين فعلياً في إنفاق ملايين الدولارات لشراء أراض وعقارات افتراضية، ومنها شركة «ريبابليك ريلم» الأمريكية حيث أنفقت نحو 4 ملايين دولار لشراء أرض افتراضية عبر منصة تتيح دخول المشاركين فيها إلى عالم افتراضي للحوارات واللعب.
ومن جهة أخرى، حصلت شركة «توكنز. كوم» الكندية على قطعة أرض تعتزم تحويلها إلى وجهة للمتاجر الافتراضية للمجموعات الفاخرة. كما أعلنت دولة باربادوس الكاريبية أنها تعتزم إنشاء سفارة لها في عالم ميتافيرس الافتراضي. وتلك الأراضي والعقارات يُمكن البناء عليها أو تأجيرها أو بيعها.
ويتوقع بعض الباحثين أن تصبح الملكية الرقمية هي السائدة مستقبلاً بفضل تقنية «البلوك تشين» للتعاملات الرقمية، والتي توفر نسبة عالية من الأمان والشفافية خلال المعاملات المالية.
العالم حولنا يتغير ويتطور بسرعة كبيرة يوماً بعد يوم، وما كان خيالاً بالأمس، أصبح حقيقة اليوم. وما هو خيال اليوم، قطعاً سيصبح حقيقة غداً. ومع تطورات التحول الرقمي وإنشاء المدن الذكية وتبني التقنيات الحديثة والواقع الافتراضي والمعزز، لا شيء أصبح مستحيلاً.