منصور ماجد الذيابي
قد يظن البعض أن التوتّر الحالي بين روسيا وأوكرانيا سيؤدي في نهاية المطاف إلى نشوب حرب بين الدولتين الجارتين إذا ما فشلت الجهود الدبلوماسية في احتواء المواقف غير أن الحرب في حالة وقوعها لن تكون مع أوكرانيا وحدها وإنما ستشمل حلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية التي تعهّدت سابقا بالدفاع عن أوكرانيا ضد الاتحاد الروسي في حال غزت القوّات الرّوسية أوكرانيا لدعم ومساندة الجماعات الانفصالية المعارضة في منطقة دونباس الأوكرانية التي كانت قد شهدت نزاعات مسلّحة في مارس عام 2014 واندلعت خلالها مظاهرات دموية من قبل الجماعات الموالية لروسيا، وذلك في أعقاب الثورة الأوكرانية التي أطاحت بالرئيس الأوكراني آنذاك فيكتور يانوكوفيتش، وقسّمت البلاد إلى قسم موال للاتحاد الأوروبي وقسم موال لروسيا. وقد نتج عن كل هذه الأحداث ظهور ما يعرف بأزمة القرم عام 2014 والتي أدّت إلى استفتاء القرم وبالتالي إعلان قيام جمهورية القرم التي انضمّت إلى روسيا لاحقا. ويذكر أن روسيا ترفض انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي.
وكانت روسيا حشدت قواتها قبل أسابيع بالقرب من الحدود مع أوكرانيا استعدادا لشن هجوم مسلح بمختلف أسلحة الدمار الشامل الأمر الذي يثير قلق الدول الأوروبية وأمريكا من التورّط في حرب عالمية نووية تهدّد الأمن والسلم الدوليين وتعيد سيناريوهات الحربين العالميتين اللتين أسفرتا عن دمار واسع وشامل في كل دول العالم التي تئنّ اليوم اقتصاديا وصحيّا تحت وطأة جائحة كورونا وتوابعها، وهي الجائحة التي حبست أنفاس العالم وعطّلت مسار الاقتصاد العالمي وهزّت النظام المالي العالمي كنتيجة طبيعية للإغلاقات المتكرّرة وإجراءات فرض حظر التجوّل وقيود السفر ممّا أضرّ بقطاعات عديدة من اقتصاديات دول العالم المعتمدة أساسا على التجارة البينية والسياحة والصناعة والتبادل التجاري عموما.
علاوة على مؤشّرات الشلل الاقتصادي العالمي نتيجة لتداعيات كورونا وأخواتها، فإن الحرب النووية بين القطبين المتنافسين قد يترتّب عليها أن يفقد الانسان كل أمل له في الحياة على كوكب الأرض إذا ما أخذنا في الاعتبار أن أدوات الحرب بين القوّتين لن تكون بالسّيوف والسهام وآلة المنجنيق وإنما بالأسلحة الكيماوية والبيولوجية الجرثومية وكذلك الصواريخ العابرة للقارّات والحاملة لرؤوس نووية مدمّرة.
وقد تبيّن للعالم بشكل واضح أنّ قتل النّاس بالمعادن المتطايرة والمتفجّرات يختلف بشكل أو بآخر عن إطلاق سحابة من المواد الكيميائية القاتلة أو البكتيريا، والتي لا يمكن التنبّؤ بآثارها أو السيطرة عليها. وبرغم توقيع معظم دول العالم على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية وفقا لبروتوكول 1925 لحظر الاستعمال الحربي للغازات الخانقة أو السّامة وغيرها، وكذا الوسائل البكتريولوجية، غير أن بعض الموقّعين على المعاهدة لم يلتزموا تماما بنصوص المعاهدة حيث وقّع الاتحاد السوفيتي على المعاهدة، ثم بنى سرّا ترسانة هائلة من الأسلحة البيولوجية.
وتعد ليبيريا وكذلك إيران وكوريا الشمالية من الدول التي لم توقّع على معاهدة التخلّص من الأسلحة الكيميائية. وتفيد المصادر الاستخباراتية أن كوريا الشمالية تمتلك أسلحة السارين والجمرة الخبيثة. وهنا يكمن خطر السلاح الكيميائي والبيولوجي المستخدم في هجمات عشوائية على السكّان المدنيين الأبرياء. وعلى غرار القنبلة النووية التي تسعى إيران لامتلاكها، فإن السلاح الكيميائي يعدُّ أحد أسلحة الدمار الشامل. ويمكن أن يودي أي هجوم باستخدام عوامل كيميائية أو بيولوجية بحياة الآلاف وربّما مئات آلاف البشر بسهولة.
وعموما فإن نشوب حرب بين قطبين متنافسين على بسط نفوذهما على أجزاء واسعة من العالم سيشكّل تهديدا خطيرا لحياة البشر على كوكب الأرض الأمر الذي يفسّر لنا بأن الدول المارقة التي لا تحترم المعاهدات والقوانين الدولية قد تشكّل منطلقا لشرارة اندلاع حرب نووية عالمية لا تبق ولا تذر. فكيف يمكن إنقاذ البشرية من أسلحة الدمار الشاملة ومفاعلات الدول المارقة، وفيروسات الصين القاتلة؟!
انّي أرى واقع الأيّام كما لو أنّه
حقول ألغام عليها الجموع تسيرُ
حرباً هنا شُنّت وهناك حربٌ
وجنود الحرب مقصدهم هو التدميرُ
في كلّ يومٍ تُسمع الأنّات والآهات
وكأنّما بك تستغيثُ وتستجيرُ
«وامعتصماه» صداها بعرض البلاد وطولها
يتردّدُ الصوتُ علينا ولكن لا مجيرُ