صبار عابر العنزي
الرومانسية هي شعور عاطفي بالحب والانجذاب، مشبع بالرغبة والحاجة والأمنية، والتطلعات للقاء شخص آخر وغير عادي حرك لواعج الصدر وأوقد في ممراته جمر الهوى وأصبح هاجسه يستوطن الذاكرة والذكريات والشق، والعيون تتوق لرؤيته، وعند اللقاء تتغير ملامح الوجه وتطفو رقة الأحاسيس والمشاعر وتفيض المفردات عذوبة.
والرومانسية شكل من أشكال الأدب الذي ظهر كمسمى في فرنسا في منتصف القرن 12 وأثر في الكثير من الأعمال النثرية في العصور القديمة «الكلاسيكية» وتعرف الرومانسية بأنها شعور بالإثارة والغموض المرتبطين بالحب، وميل خاص للشعور بالرضا والراحة في العلاقة مع الحبيب الشيء الذي يبعدها عن الرتابة والملل...!
وهنا يبرز لنا التاريخ الاسلامي القوي والعظيم الذي سبق كل الحضارات والفلاسفة والأقوام بالعمل والقول فالشخص الذي يشعر بعاطفة مبهجة وسعادة كبيرة ونشوة عند الالتقاء بالحبيب، مع وجود رغبة عقلانية للتعبير العقلاني النزيه...
فكما يروى أن علي رضي الله عنه (والله أعلم) أنه رأى في فم زوجه فاطمة رضي الله عنها عود أراك فغاض وغار منه وهو يعكس رقة ودهشة وعلو اللغة وتدفقات المشاعر الجياشة المبهرة كـ قوله شعرا:
حظيت يا عود الأراك بثغرها
أما كدت يا عود الأراك أراك
فلو كنت من أهل القتال قتلتك
وما فاز مني يا سواك سواك
ومن هنا فإنّ المرأة العربية على وجه التحديد تقدّر اللفتات اللطيفة من الرجل حتى وإن كانت بسيطة فأحياناً تكون الأشياء البسيطة هي الأكثر أهمية، فما ترغب به المرأة فعلاً هو أن تشعر بأنّها مميزة لذلك فهي تفضل الرجل الذي يظهر لها مقدار الحب الذي يكنّه لها وكذلك الإطراء والكلام الجميل عنها، والحديث عن أناقتها، وعن مدى الاشتياق لرؤيتها هي أمور محفزة...
وأكدت الدراسات والأبحاث أن الرجل الرومانسي ينجذب وبشدة إلى المرأة الرومانسية، لانسجامه وتوافقه معها، لذا يتعلق بها فالرجل يعشق الاهتمام والأقوال المعسولة والتصرفات الدافئة التي تمس القلب المسكون بالحب فهو يحب أن تُشبعه أنثاه بالحنان والحب والاهتمام.
ويقال إن الرومانسية دخلت الأدب العربي، على شكل مذهب نقدي نظري بفضل كتابين نقديين أولهما أصدره عباس محمود العقاد وإبراهيم عبد القادر المازني سنة 1921م تحت عنوان «الديوان» والكتاب الثاني أصدره ميخائيل نعيمة تحت عنوان «الغربال» سنة 1922م …
ورغم اتفاق المدرستين من حيث الجوهر في الدعوة إلى التجديد إلا أن بينهما فوارق مهمة أبرزها أن المهجريين يبالغون في ذكر الطبيعة والدعوة إلى الاندماج فيها ويغالون في ذكر الأوطان بينما يتساهلون في الدقة اللغوية بينما تركز مدرسة الديوان على القهر الذي يرزح تحته المواطن العربي في وطنه والمسلط عليه من الاستبدادية والاستعمار الغربي والعادات المتحجرة...
أما أبو القاسم بن محمد الشابي شاعر الصراعات والمواقف والأحداث فهو بالنسبة لي يمتلك رومانسية مفرطة في عذبة أنت:
عذبة أنت كالطفولة كـ الأحلام
كـ الحن كـ الصباح الجديد
كـ السَّماء الضَّحُوكِ كـ اللَّيلَةِ القمراءِ
كـ الوردِ كـ ابتسامِ الوليدِ