انتقل إلى جوار ربه عصر الخميس 27-4-1443هـ الموافق 2-12-2021 بعد معاناة مع المرض، جعل الله ما أصابه من مرض أن يكون في صالح موازين أعماله.. حيث لا مرد لقضاء الله وقدره، وله سبحانه ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمّى - غفر الله للدكتور/ علي السلطان وأسكنه فسيح جناته، وأن يلهمنا وأفراد أسرته الكريمة وأصدقاءه الكرام كافة جميل الصبر والسلوان وحسن العزاء.. إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ..
تعريف مختصر عن المرحوم الدكتور علي بن أحمد السلطان
- من مواليد الزلفي 1358هـ.
- متزوج وله من البنين هند، ريما، أحمد، ونايف.
- التعليم: درس وتعلّم في الولايات المتحدة الأمريكية وحصل على درجات البكالوريوس والماجستير و الدكتوراه من جامعات مرموقة آخرها جامعة مشجان الحكومية في الأعوام 1972، 1979، 1988 على التوالي.
- العمل الوظيفي.. عمل في عدد من الأجهزة الحكومية منها: وزارة العدل، جامعة الملك سعود، معهد الإدارة العامة حتى تقاعده من العمل.
- في مجال الدراسات والبحوث: قام على إنتاج العديد من الدراسات والبحوث العلمية والأدبية المتخصصة المختلفة، بعضها صدر في كتب وبعضها الآخر نشر في الصحف والمجلات العلمية المتخصصة.
- أثناء عمله الرسمي.. له مساهمات إدارية وتنظيمية كثيرة في العديد من اللجان العلمية وفرق العمل المتخصصة وعضوية العديد من المجالس العلمية والتنظيمية.
- يعتبر أحد أهم المؤسسين للجمعية الوطنية للمتقاعدين بالمملكة.
الدكتور/ علي السلطان «رحمه الله» يتميز بصفات عديدة من القيم والأخلاقيات الراقية، والاجتهاد بالعمل وإنجاز المهام بجودة عالية.. وكل من عاشره أو عمل معه يذكر له قصّة خاصة معه - في السطور أدناه بعضٌ من أصدقائه وزملائه يتحدثون عن بعض من سجاياه الجميلة...
يقول... فهد بن أحمد الصالح - عضو جمعية المتقاعدين بالرياض:
تسكن البعض من الفضلاء الإيجابية بعد التقاعد ويتعاظم نفعه وتتشكل رؤيته وإنسانيته ومسؤوليته المجتمعية بصورة أكثر نضجاً ودافعية، مثلما يراها الكثير رسالة دائمة ما دامت الحياة باقية في أجسادهم، وبذلك تزداد الثقة أن رسالتهم مستمرة وعليهم بعد تقاعدهم أن يقدموا زكاة أعمارهم وأعمالهم وتعليمهم وتدريبهم وتأهيلهم وخبرتهم في مجالات الحياة المتنوعة التي مروا بها، ويتمثلون تلك الإيجابية في القول الكريم إن أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وهكذا كنا نرى صاحب المبادرة وسامي الهدف ورائد الرسالة التقاعدية الدكتور/ علي بن أحمد السلطان رحمة الله عليه الذي فقدناه في الأيام الماضية بعد أن قدم نموذجاً رائعاً للعطاء المتواصل والإصرار على تبني قضية المتقاعد كمشروع مجتمعي، وقاده ذلك الإصرار المتألق إلى الدعوة لتأسيس جمعية للمتقاعدين، وسار بقضيته الوطنية ورسالته المجتمعية حتى جمع لفيفاً من الأوفياء لإطلاق المبادرة ومتابعة إجراءات صدورها والترخيص لها ومن ثم السمو بها حتى نالت شرف الرئاسة الفخرية لها من قبل صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية رحمه الله، وتزعّم المبادر د. علي السلطان إنشاء هيئة استشارية عليا برئاسة سمو الأمير سعود بن ثنيان وعدد من أصحاب المعالي ورؤساء الجامعات ورجال المال والأعمال وحظوا بمقابلة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله وقدموا له مطالب المتقاعدين واهتم بها وطلب تشكيل لجنة وزارية لبحثها والعمل على تحقيقها ولو على مراحل، ثم تبنّى الأمير نايف رحمه الله إطلاق مبادرة مراكز الأمير نايف الثقافية والاجتماعية المتكاملة التي لا زالت حلماً للمتقاعدين ويتطلعون إلى تحقيقها في العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وهذه الجهود لا شك تُسجل بمداد من نور للدكتور علي السلطان وفريق التأسيس الذي واكب انطلاقة الجمعية ومجلس إدارتها المميز في دورتها الأولى.
وقد ربطتني في السنوات العشر الماضية بالدكتور علي السلطان رحمة الله عليه علاقة وثيقة للغاية عملت معه فيها عن قرب وبحب واستفدت منه كثيراً وتعلمت منه أن العطاء للآخر هو الحياة الأجمل والذي يتركز الإصرار فيه بعد التقاعد وتكوين وتنوع الخبرة عند الإنسان، وتشرفت بالعمل القريب معه في حفل الوفاء الأول للرموز المتقاعدة الذي حظي بحضور ورعاية صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، وكذلك في حفل الوفاء الثاني بحضور سمو الأمير سعود بن ثنيان بالنيابة عن سمو أمير الرياض، وكان للحفل الأول والثاني صدى مميز في أوساط المتقاعدين لأنه أخذ الرجل الأبرز في كل مجال من المجالات المحددة للتكريم، ثم تشرفت بوجودي معه في رئاسة تحرير صفحة عن المتقاعدين وهمومهم في الشقيقة صحيفة الرياض لأكثر من عام ونصف حتى توقف صدورها، ومشاركتي معه في صياغة اللائحة الأولى والثانية للجمعية وكذلك التحول الإيجابي وعدم مركزية الجمعية وجعلها خدمة للمتقاعد في كل منطقة مع فروعها في المحافظات، ومزاملته في العديد من المبادرات والبرامج التي شاركناه في إعدادها وإطلاقها في فرع الرياض بجهد منه لا يعرف الكلل وإصرار ومتابعة لم يكتنفها الملل ومما ساعد على القبول والأثر الجميل والجاذبية هو الكرم الشمولي الذي يبدأ بالابتسامة والبشاشة في الوجه والترحاب الصادق الذي لا يتكلّفه ولا يتصنّعه بل هي سجيته رحمة الله عليه التي تربّى عليها وتشربها في شبابه وعاش بها حتى فارقنا إلى الرحمن الرحيم، ثم إنه فتح داره السابقة والجديدة بضيافة كاملة لاجتماعات تخص الجمعية ومنسوبيها والمتطوعين لها ولخدمة المتقاعد والمنتسب لها، وإذا زاد العدد يتكفل بالنفقة وتفاصيلها على حسابه الخاص في أحد الفنادق ويظهر سروره الصادق بذلك، ثم إن تواضعه الجم يدفعه للتواصل الأجمل مع كل من تربطه به علاقة عمل، ومهما زاد اختلاف وجهات النظر معه فإنه يحملها على الإيجابية للوصول إلى الأفضل ولا يحمل ذلك الاختلاف أكثر مما يحتمل ولذا ترى من يتعرف عليه لا يفرط فيه ويعاود الكرة معه متطوعاً بخدمة أو مشيراً برأي أو معززاً لموقف..
ختاماً: الدكتور على بن أحمد السلطان نموذج للعطاء الصادق وقائد للنفع العام وريادي عصامي يسعى وراء تحقيق الهدف بكل الوسائل والسُبل يستحق أن تدوّن تجربته منذُ شبابه في جامعة الملك سعود وهو الذي ينسب إليه إنشاء وتكوين عمادة القبول والتسجيل فيها، ثم دوره في دراسة الماجستير والدكتوراه وخدمته للأندية الطلابية السعودية والعربية هناك ومنفعته وخدمته للطلاب وإرشادهم وقضاء حوائجهم، ثم جهوده في معهد الإدارة العامة ورسالته الدكتوراه التي استمر الجهد والجهاد بعدها لمصلحة المتقاعد بعد التقاعد، فهل تُساق لنا البشارة بتكريم قريب له وجمع كل ما دونه في كتاب، واستكتاب طلابه وزملائه ومن تعامل وعمل معه ليكون ذلك منارة لغيره وفائدةً متواترة لما بعده.
د. محمد الرصيص..
نعم الصديق والجار..
أثناء دراستي العليا في الثمانينيات من القرن الماضي بالولايات المتحدة الأمريكية تعرفت على شخصية استثنائية من وطني الغالي، هو الدكتور علي أحمد السلطان (رحمه الله). وأقول إنه شخصية استثنائية لأنني رأيت فيه النشاط المتوقّد المتنوّع في شؤون الدراسة المنهجية واللامنهجية، وشؤون زملائه الطلاب دون تفريق بينهم، كما رأيت فيه النهم الشديد في القراءة والاطلاع على الكتب والمجلات الثقافية بوجه عام حتى امتلأت الأرفف واكتظت الممرات في سكنه منها. ومثل هذه الصفات الحميدة قل أن توجد حتى بين الطلاب المتميزين دراسياً.
وقد دفعه حبه لوطنه العربي الكبير بصفة عامة، وحبه لوطنه المملكة العربية السعودية بصفة خاصة، إلى التعرف على الاتحاد العام للطلاب العرب في الولايات المتحدة والمشاركة في فعالياته الثقافية وعلاقاته بالقضايا الطلابية هناك.
وبعد فترة قصيرة قاده هذا إلى التفكير في تأسيس اتحاد طلبة الخليج والجزيرة العربية الذي تم بتأييد ومساندة كثير من الطلاب. وكان المؤتمر السنوي للاتحاد فرصة طيبة لاجتماع ولقاء وتعارف الأعضاء وغير الأعضاء من تلك الدول وتبادل المعلومات والهموم المشتركة بينهم.بعد التخرج عاد الدكتور علي (رحمه الله) ليواصل خدمته في معهد الإدارة العامة، ومن ثم قدم كل ما يستطيع من مجهودات لتذليل تأسيس جمعية المتقاعدين الوطنية، ومقابلة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز (رحمه الله)، ليكون الرئيس الفخري للجمعية، وقد تم ذلك.
ومن حسن الحظ أن أكون جاراً له في حي الصحافة بالرياض في السنوات الماضية. وقد حظيت فيها بالحضور في لقاء مفتوح في منزله بعد صلاة الجمعة للجيران المجاورين ومن يرغب من زملاء وأصدقاء.
لقد كان أبو هند (رحمه الله) قلباً منفتحاً على الجميع أثناء لقاءاته ومناقشاته معهم، كما كان عقله مستنيراً ومحترماً لكل الآراء، ومرحباً بتطور العلوم والمعرفة للرقي بوطننا الغالي في مجالات التنمية الحضارية كافة.رحمك الله رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته يا صديقي وجاري العزيز أبا هند.
د. محمد بن صالح الرصيص
أستاذ التربية الفنية ورئيس القسم (سابقاً)جامعة الملك سعود
رحم الله أبا هند الدكتور علي بن أحمد السلطان الذي وافته المنية الأسبوع الماضي (الخميس 27-4-1443هـ) كان زميلاً وصديقًا لمدة تجاوزت الخمسين عامًا، كان اهتمامه بالمجال العام طوال فترة معرفتي به لافتاً للنظر وانتهى به الحال أن ركز دراسته العليا في مراحلها الثلاث في مجال العلوم الاجتماعية. ومنذ تخرجه وعمله بمعهد الإدارة العامة كعضو هيئة تدريس وهو منشغل فكرًا من خلال أحاديثه ولقاءاته بموضوع قضية التقاعد وواقع الحال للمتقاعدين المدنيين والعسكريين حيث كثّف جهوده بهذا الخصوص وخاصة في الفترة الأخيرة من عمله بمعهد الإدارة العامة انتهت بعقد عدة لقاءات تولّد عنها عقد اجتماع عام بمجلس الإدارة حضره مجموعة من رجالات الدولة وأعضاء هيئة التدريس في الجامعات والمفكرين وكان الموضوع الرئيس المطروح للمناقشة إقامة جمعية وطنية للمتقاعدين وهو ما تحقق بعد فترة قصيرة حيث تمت الموافقة عام 1426هـ من وزارة الشؤون الاجتماعية آنذاك (وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية حالياً) على قيام جمعية وطنية للمتقاعدين. وقد عايشت جهوده المكثفة والمضنية ببذل كل ما يستطيع من جهد بإنجاح هذه التجربة، لكن المؤسف أنها واجهت العديد من العقبات بعضها روتيني وأخرى مفتعلة من قبل أشخاص ذوي تطلعات مما تسبب بعدم صمود الجمعية إلا لدورتين فقط قبل أن يدب الخلاف بين أعضاء مجلس الإدارة وينتهي بفترة مخاض تؤدي لتصفية الجمعية. كان ذلك محبطاً جداً له إلا أنه لم يمنعه من التعامل مع هذه الشريحة بطرق تثير الإعجاب من هؤلاء أنفسهم لأن همه منصب للبحث عن حلول تمخض بالتقدم لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية بالموافقة على تكوين جمعية للمتقاعدين في كل منطقة إدارية وهو ما تمت الموافقة عليه. فرحته بقيام جمعية للمتقاعدين بمنطقة الرياض كانت كبيرة إلا أنها لم تدم طويلا حيث دب الخلاف بين أعضاء مجلس إدارتها في الدورة الأولى وكان أثر ذلك قاسيًا عليه وبدأ يشعر بالتخوف أن تنتهي التجربة بالفشل. في الليلة التي سبقت وفاته «رحمه الله» عقد اجتماعاً للجمعية العمومية غير العادية للخروج بحل لمشكلة مجلس الإدارة وذلك بالموفقة على إعادة تشكيله وتم تحقيق ذلك بالموافقة عليه. لكن أبا هند وافته المنية في اليوم التالي رحمه الله رحمة واسعة وغفر له وأسكنه فسيح جناته.
عبدالله عبدالرحمن المقوشي
عضو هيئة تدريس متقاعد
أ.د سعد الزهراني/ أستاذ التعليم و التخطيط الإستراتيجي
يقول: عرفت الزميل والصديق العزيز المرحوم الدكتور علي السلطان في عام 1980 عندما جمعتنا الدراسة في جامعة ولاية متشقن بالولايات المتحدة الأمريكية. كان علي السلطان طيب المعشر خفيف الظل كريم الأخلاق كرّس جل جهده أيام الدراسة أو بعد العودة من البعثة لقضايا وهموم الوطن. أسسنا معه ومع بعض الزملاء الأعزاء اتحاد طلبة الجزيرة والخليج في الولايات المتحدة الأمريكية تزامناً مع قيام الاتحاد بين دول المنطقة بتأسيس مجلس التعاون الخليجي، وعند العودة للوطن تبنّى فكرة إنشاء الجمعية الوطنية للمتقاعدين ومشينا معاً مع عدد من الزملاء والأصدقاء في تأسيسها وانتشارها على مساحة الوطن.
يتمتع الزميل/ علي السلطان بالتنظير والتحليل العميق الجيّد لمشاكل الوطن ولا تستغرب أن تتحول المناسبات الاجتماعية لاجتماعات الأصدقاء التي يحضرها الأخ علي السلطان إلى ندوة فكرية قيّمة مصغّرة للحضور..
رحم الله علي السلطان الإنسان الذي كان دوماً على تواصل واتصال مع أصدقائه ومحبيه يسأل عن أحوالهم ويطمئن عن صحتهم فقد كان آخر اتصال منه لي قبل وفاته «رحمه الله» بأربعة أيام ولم يحُل وضعه الصحي الحرج دون الاتصال والسؤال عن الحال.
فقدنا وفقد الوطن أحد عشاقه ومحبيه رحم الله الدكتور علي السلطان رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته... {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
** **
- د. حمد العقلا