فوزية الشهري
ارتبطت القهوة عند العرب بالكرم والأصالة ولها قيمة كبيرة في تراثهم وإرثهم التليد وأضحت شعارا مميزا لهم وعلامة فارقة، ومع مرور الزمن وتطوراته لا تزال القهوة في صدارة المجالس ولا تخلو مناسبة اجتماعية منها.
وشرب القهوة يعد إرثاً تاريخياً وثقافياً للمجتمع السعودي منذ القدم، والقهوة لها طقوس وعادات وقوانين لتقديمها وشربها وردها والاكتفاء منها أو الاستزادة.
تعد القهوة للضيف بطريقة خاصة وتصب له أيضاً، حيث يمسك «المقهوي» «الدلة» باليد اليسرى والفنجان باليد اليمنى ويصب مقدار ثلث الفنجان فقط وإذا زاد يعد ذلك إهانة للضيف وأنه غير مرحب به.
أما شرب القهوة فلها أيضاً عادات متعارف عليها حيث يشرب الضيف ثلاثة فناجين ولها اسماء عند العرب
فالأول فنجان «الهيف» يشربه المضيف لطمأنة الضيف أن القهوة خالية مما يضره، والثاني «الضيف» وهذا الفنجان الأول للضيف وهو واجب الضيافة.
وقد كان الضيف قديما في البادية مجبرا على شربه إلا في حالة العداوة أو أن يكون للضيف طلب صعب وقوي عند المضيف، فكان لا يشربه إلا بعد وعد من المضيف أو المعزب بالتلبية...وقد كان من عظائم الأمور أن يأتي إنسان إلى بيتك ولا يشرب فنجالك إلا بعد تلبية طلبه، فأنت حتما مجبر على التلبية وإلا لحق بك العار عند الناس.
الفنجان الثالث «الكيف «وهو الثاني الذي يقدم للضيف، وهو ليس مجبراً على شربه ولا يضير المضيف إن لم يشربه الضيف، إنما هو مجرد تعديل كيف ومزاج الضيف وهو أقل فناجين القهوة قوة في سلوم العرب.
الفنجان الرابع «السيف» والذي يقدم للضيف وغالبا ما يتركه الضيف لأن شربه عبارة عن تحالف أمني مع المضيف على الخير والشر. أما طريقة الاكتفاء من القهوة فيكون بهز الفنجان، ومن العادات الغريبة القديمة للقهوة هي كسر فنجان الضيف بعد الانتهاء من شرب القهوة وهي مبالغة على إكرام الضيف وأنه لا يمكن أن يشرب بعده.
والقهوة تغنى بها الشعراء كثيراً وقيلت فيها الأبيات التي تناقلتها الناس ومن أبرز ما قيل عن القهوة للشاعر راكان بن حثلين:
يا ما حلا الفنجال مع سيحة البال
في مجلس ما فيه نفس ثقيله
هذا ولد عم وهذا ولد خال
وهذا رفيق ما لقينا مثيله
وتحتفي السعودية العام القادم، بالقهوة، كرمز ثقافي لهوية المملكة، حيث أطلقت على عام 2022، «عام القهوة السعودية» وأعلن عن هذه المبادرة وزير الثقافة صاحب السمو الامير بدر بن عبدالله بن فرحان ال سعود والتي تهدف إلى أن تكون مظلة للعديد من المبادرات والحملات والأفكار لتحفيز الجهات الحكومية والمؤسسات الأهلية والمقاهي المحلية والعالمية على المشاركة بأفكار مبتكرة وتنظيم المسابقات والفعاليات بمشاركة مجتمعية وذلك تعميقاً لروح الأصالة والتراث في نفوس الأجيال الجديدة وتعزيز ارتباطهم بهويتهم الوطنية.
الزبدة:
سوولي الكيف وارهو لي من الدله
البن الأشقر يداوي الراس فنجاله