الدخول على كبيرات السنِّ والسلام عليهنَّ وتقبيل رؤوسهنَّ
• عندما نزور أقاربنا في بعض المناسبات ندخل على بعض كبيرات السنِّ من عجائزنا، ونُسلِّم عليهنَّ، ونُقبِّل رؤوسهنَّ، وأودُّ منكم التكرُّم ببيان السنِّ الذي يجوز لي أن أدخل فيه على المرأة وأُسلِّم عليها إذا بلغتْه. وما الحكم إذا شككتُ في عمرها ولم أدرِ كم هو؟
* المرأة إذا لم تكن محرمًا ولو كانت كبيرة لا تجوز مصافحتها، ولا تقبيل رأسها، ولا الخلوة بها؛ لأنها امرأة و»لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان» [الترمذي: 1171]، فهذا لا يجوز.
وقد يخلط هذا السائل بين هذا الأمر والقواعد اللاتي لا يرجون نكاحًا، حيث يتخفَّفنَ من الحجاب الواجب على مَن لم تتَّصف بهذا الوصف، ومع ذلك كونها تحتجب وتحتاط ولو كانت من القواعد لا شك أنه أولى وأحرى، لكن الخلوة محرمَّة ولو كانت عجوزًا كبيرة، وأيضًا المصافحة، وكذلك تقبيل الرأس، وليس هناك سنٌّ محدَّد، لكن لا شك أنه كلما زاد احتمال الفتنة كان الأمر أشد وأعظم، والتحريم أشد.
* * * *
الغفلة عن الذكر وعن الآخرة حين الانشغال في السوق بالبيع والشراء
• هل يُعتبر الإنسان في غفلةٍ إذا كان يصلي ويَذكر الأذكار، ثم يَخرج إلى سوقه وينشغل بالبيع والشراء ويَذهَل بذلك عن تذكر الموت والآخرة حتى يسمع الأذان للصلاة التي تليها، وهكذا؟ وكيف يمكن لي أن أتذكر في وسط هذه الجموع ومع هذه الأشغال؟
* هذه حال الناس قاطبة، أنهم ما داموا في المسجد وفي العبادة والذكر قلوبهم حاضرة، وإذا خرجوا وزاولوا البيع والشراء وجلسوا مع الأولاد والزوجات والأصدقاء يحصل لهم نوع غفلة، وهذا ذكره الصحابة للنبي -عليه الصلاة والسلام- قالوا: يا رسول الله نكون عندك، تُذكِّرنا بالنار والجنة، حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك، عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات، نسينا كثيرًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده إن لو تدومون -يعني: في سائر حياتكم- على ما تكونون عندي، وفي الذكر، لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم» [مسلم: 2750]، لكن البشر هذا طبعهم وهذا ديدنهم، وعلى هذا جُبلوا، فمثل هذا الانشغال لا شيء فيه، ويبقى أن للإنسان من الأجر بقدر ما يُحضر قلبه ويستعمل لسانه وجوارحه في طاعة الله، فله مع هذه الأشغال وهذه الأعمال وهذه الاجتماعات المباحة أن يذكر الله -جل وعلا- بقلبه ويُسمع الناس؛ ليقتدوا به، فلا شك أن أجره عظيم، وإذا انشغل بأمور مباحة لا شيء عليه.
وإذا كان مع انشغاله بأمور دنياه يذكر الله مجرد ذكر بدون حضور قلب مطلقًا ولا استحضارٍ لنية لهذا الذكر فهذا أثر لا شك أنه ضعيف، فعلى الإنسان أن يَعقل ما يتلفظ به، وأن يتدبر ما يقول، وبقدر هذا تكون زيادة أجره، والله أعلم.
** **
يجيب عنها معالي الشيخ الدكتور/ عبدالكريم بن عبدالله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء -سابقاً-