الهادي التليلي
السؤال الذي يطرح بإلحاح على المهتمين بشأن المتاحف من علماء وباحثين وجمهور مستهدف هو كيف ستكون متاحف الغد في ظل تسارع التطورات التكنولوجية وفي ظل تقاطعات بين المجالات وتفاعل بين مختلف قطاعات المعرفة والعلوم والفنون وفي إجابتها على نفس هذا السؤال ردت عالمة المتاحف الفرنسية المعاصرة Jessikca de bideran على سؤال الإعلامي clement poure الذي يأتي في لحظة تاريخية جد حساسة في مجتمع المتاحف الكوني برزت خلاله ففي فرنسا وحدها 445 تطبيقاً حول المتاحف منذ سنة 2009 ولعل أبرزها «الموقع الأزلي sites eternels» وهو تطبيق يسمح بزيارة عدد من المتاحف بتقنية 3D في هذه الإيبستيمية لم يكن السؤال المطروح على العالمة جيسيكا هيناً لذلك كانت إجابتها مشخصة للراهن أولاً حيث عبرت عن قلقها من ضعف الإقبال على المتاحف في فرنسا بالرغم من أن واحداً على أربعة مواطنين يرتادون المتاحف مؤكدة أن المتحف في مفهومها الجديد متوزعة بين المتاحف المحسوسة والمتواجدة في وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام والمتاحف الموجودة على التطبيقات سواء في الجوالات أو أجهزة الحاسوب والآيباد هذا التوزع جعل التفكير في متاحف المستقبل تجاوزياً للسائد إلى ما ينبغي أن يكون عليه خاصة مع بروز علم الميزيكوغرافي وهو علم المتاحف في شكلها المحتفي بالصورة والمحامل الرقمية.
وترى جيسيكا أن مستقبل المتاحف سيكون من جهة رقمياً ومن جهة حسياً حيث ستكون المتاحف العادية غير عادية كما ستكون المتاحف العجيبة سواء في قاع المحيطات أو في كواكب أخرى المتاحف التي أصبحت أكثر معايشة وافتكت واحداً على أربعة من سكان فرنسا تراهن في المستقبل على التحول إلى أكثر من ذلك بكثير ومثلما افتك الجمهور الإعلام من وسائل الإعلام في السوشال ميديا فإنه سيخرج المتاحف إليه بفضل التطبيقات الحديثة ومغامرات المشاركة والعابرة للقارات وحتى الكواكب فالمتاحف حسب جيسيكا ستستفيق من سباتها إلى المشاركة والمعايشة في عالم ما بعد الحداثة.
هذا ما عبرت عنه العالمة الفرنسية ولو خرجنا قليلا إلى سويسرا نجد الإعلامية المختصة سارة هيغوننغ sarah hugouneng تطرح سؤال متاحف المستقبل أم مستقبل المتاحف معتبرة أن متاحف المستقبل ستلغي الصورة الكلاسيكية للمتاحف من المتاحف الحسية الغارقة في الماضي إلى متاحف كونية معايشة للحاضر وفيها تفاصيل مغامرات ممتعة
ولو توسعنا أكثر نجد أن الاتحاد الأوروبي وضع برنامج أوريزون 2020 للبحث والتطوير الذي من أهم نقاطه الخروج بالمتاحف إلى مستقبل مغاير أكثر تطوراً ونماء.
وفي العالم الجديد ونعني الولايات المتحدة نجد خارطة البحث والنمو في هذا المجال أكثر اتساعاً نحو متاحف الغد والتفكير تحول إلى مخبري باتجاهات متنوعة ففي لوس أنجلس نجد متاحف كارول وباري كاي وهو متحف المنمنمات الذي يضم مجموعة من المنمنمات ومتحف هوليوود Guinsess الذي يشبه كتاب السجلات أو متحف التاريخ الطبيعي في مقاطعة لوس أنجلس.
وفي نيويورك نجد المتحف الأمريكي للصور المتحركة ومتحف برونكس للفنون ومتحف الأطفال في مانهاتن ومتحف كوبر هيويت ومتحف التصميم الوطني وأيضاً مدينة ريتشموند التاريخية ومتحف سكن الجانب الشرقي السفلي ومتحف التاريخ المالي الأمريكي ومتحف كنيسة الثالوث ومتحف شرطة مدينة نيويورك ومتحف مزرعة مقاطعة كوينز ومتحف الاستوديو في هارلم وغيرها الكثير.
وفي واشنطن العاصمة هناك تصور طريف لمجمع من المتاحف والحدائق والمتنزهات يسمى سميثسونيان التي تشمل من بين أمور أخرى بناء الفنون والصناعات أو المبنى الإداري ومتحف الهواء والفضاء والمتحف الوطني للتاريخ الأميركي والمتحف الوطني للتاريخ الطبيعي الذي يعرض قطارات وجرارات بالحجم الطبيعي وآلاف اللوحات الأمريكية، ومجموعة من المنحوتات والفنون في القرن العشرين (وخاصة الفنون الآسيوية والأفريقية).
وفي مختلف خارطة المدن الأمريكية نجد محفظة المتاحف تتنوع وتدخل عصر الشراكة مع القطاعات والمجالات الأخرى لبناء متاحف المستقبل التي تكون أكثر قرباً وتمس مختلف الشرائح ولا تكون مرتهنة بشريحة المتعلمين أو الباحثين والعاملين المختصين.
وفي السعودية استطاعت هيئة المتاحف رغم حداثتها أن تبني فريق عمل وخططاً استراتيجية في مستوى منجزات المملكة الحديثة التي تؤسس لمتاحف طبيعية وحضرية وتعيد تأهيل مدن متحفية غاية في الجمال.
متاحف المستقبل تسائل العالم عن مستقبل المتاحف الكلاسيكية وتخرج إلى ما يشبه الكتابة بالممحاة لبناء متحولات مستفيدة من تطور العلوم والتقنيات ومستجيبة لتطلعات وأحلام البشرية التي لا حدود لها.