في عام 1926 سعى «شكيب أرسلان» مهندس العلاقات الثنائية ومستشار الملك المؤسس عبدالعزيز آنذاك بين المملكة والرايخ الألماني - الاسم الرسمي للدولة القومية الألمانية حتى عام 1945 - إلى إرسال أحد علماء الطب الألمان للعمل في جدة، في خطوة منه لبدء علاقات دبلوماسية بين الرايخ الألماني آنذاك ومملكة نجد والحجاز، كما تمكن «أرسلان» لاحقا من الحصول على الموافقة لأستاذين جامعيين ألمانيين لزيارة جدة بهدف إجراء بحوث اقتصادية وتجارية لخدمة مصالح الدوائر الصناعية الألمانية في الحجاز في ظل تنامي الاقتصاد العالمي آنذاك.
لقد كان «أرسلان» من السفراء الذين استطاعوا إقناع الألمان بترسيخ مصالحهم في الجزيرة العربية، وذلك بحكم علاقاته القديمة والوثيقة مع المسؤولين الألمان التي تشكلت خلال الحرب العالمية الأولى. وبالفعل، في عام 1929 كلف الملك عبد العزيز كلا من «شكيب أرسلان» «وخالد القرقني» رسميا بالاتصال بالشركات الألمانية في العاصمة برلين لدعوتها لتنفيذ المشروعات الحضارية المختلفة في بلادها، مما مكن الملك عبد العزيز من إنجاز بعض الصفقات مع الشركات الألمانية لتنفيذ خططه الاقتصادية.
ثمرة هذه الجهود أسفرت عن عقد اتفاقية معاهدة الصداقة في عام 1929، وكانت تلك الفترة بمثابة ذروة النجاح الدبلوماسي بين البلدين. واليوم التاريخ يعيد نفسه فبعد أن كان شكيب أرسلان مهندس العلاقات السعودية الألمانية آنذاك، بات اليوم «كلاوس كلاين فيلد» -الرئيس التنفيذي السابق لمدينة المستقبل نيوم - أحد أهم الشخصيات الاقتصادية التي تعتمد عليها المملكة. المستشار الخاص لسمو ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للشؤون الاقتصادية.
ومن هنا فإن المغزى العميق من هذا الطرح أو النظرة البعيدة والمنجز الذي كان ينظر من خلاله الملك عبد العزيز -رحمه الله- فيما يتعلق بتشكيل التحالفات الخارجية التي تعود بالنفع على الوطن.
وفي ظل الصراعات التي كان يشهدها العالم بأسره في تلك الحقبة كالحربين العالميتين الأولى والثانية إلا أن الملك عبدالعزيز - رحمه الله- تمكن بدبلوماسيته الفذة من التصدي لكل الأزمات والأحداث في ذلك الوقت واستطاع بحكمته وحنكته تأسيس دولة ثابتة ومؤثرة على الصعيدين العالمي والإقليمي.
** **
- فهد الشماسي