د. صالح بن سعد اللحيدان
رأيت خلال العهود من الثاني إلى الخامس كثيراً من آثار المؤرخين الذين أثروا الساحة في تدوين الآثار والروايات وجلبوا الأخبار عن حضارات وأمم وأناس كثيرين رأيت ذلك وخبرته وتمحصته فوجدت الناس صوب هذا على أصناف..
من يقرأ للمتعة والتدبر..
من يقرأ للاعتبار وتقلب الأحوال..
من يقرأ للفائدة والاستشهاد..
من يقرأ للمقارنة وتشابه الأحوال بين الأمم والناس..
من يقرأ لمجرد قضاء الوقت وأخذ بعض العبر..
من يقرأ لكي يصنف في مجال الرواية والتاريخ..
من يقرأ لكي يستشهد ويدلل ويدعو..
من يقرأ لكي يفحص وينظر الخطأ من الصواب ثم هو يدقق ويعرض هذا كله على النقد المقوم للعمل من خلال السند وأحوال الرواة والطبقات والعلل..
هذا هو الواقع اليوم لكن الحالة الثامنة ليست موجودة اللهم إلا ما يعد على الأصابع..
ولهذا ألف في التاريخ والأخبار والرواية كثيرون لكنهم كمن نزل البصرة بليل أو كمن يحطب ليلاً ناهيك عن العجلة والتصنيف لمجرد التصنيف..
وهذا ما أوقع كتابة التاريخ والروايات بأمر جعل جيلاً كثيراً من العلماء والمصنفين والكتاب يصنفون ويكتبون كيفما اتفق لعلهم لايلوون على شيء..
وهذه مشكلة وأي مشكلة تعاني منها كثيراً من الجهات العلمية والتعليمية على حد سواء في كثير من الدول العربية وما الدول الإسلامية عن هذا ببعيد..
ولهذا فالمسؤولية تنصب على المسؤولين حيال ما يصنفه المصنفون وما يكتبه الكاتبون..
والقارئ الفطن الذي يقرأ من خلال عقله هو من المسؤولية بمكان كي يتدبر ويقارن ويستعمل آليات النقد لدراسة ما بين يديه..
من هنا نبدأ لتحرير النص من الخطأ ومن هنا نبدأ لتحرير العقل من تغييبه أو التلاعب به لكي تسرح العاطفة ويكون القلب هما المسيطران وهذه وأيم الحق شائنة مشينة لا سيما ونحن اليوم قد توفر كثير من سبل معرفة الخطأ من الصواب، الحق من الباطل، الضياء من الظلام، الثبت من التردد..
وهذا ما لم يتنبه إليه المعنيون فإن سيلاً من التأليف المكرر والنقل المجرد والآثار الضعيفة سوف تحل محلاً ليس بذاك..