إن للّغة أهمية كبيرة في تكوين الأمم وحفظ كيانها من الضّياع، فهي الأساس الذي تُرسى عليه دعائم وحدتها، واللّغة العربيّة بخاصّة ليست قومية فحسب، وإنما هي لغة دينية أيضًا.. فهي لغة القرآن العظيم، ووعاء الدين القويم، وخزانة التراث الرّوحي والعقلي.
اللغة هي روح الأمة وعنوان هويتها ووعاء ثقافتها، ورمز وجودها، اللغة تعلو بشأن الأمة بين الأمم وتسمو منزلتها في الزمان، واللغة العربية هي لغة حية نابضة بالحياة، هي لغة تمتلك من مقومات النمو، وشروط التطور، وموجبات إثبات النافذ، وبما لها من القدرات للإبداع في شتى مجالات المعرفة الإنسانية، بحيث تساير العصر، لتكون لغة الحاضر الذي يؤسس للمستقبل.
اللغة العربية أبدعت حضارة راقية أشعلت الأنوار التي بددت ظلمات العصور الوسطى في العالم حتى انبثق فجر النهضة وعصر التنوير في أوروبا الذي قام على أساس من التراث العربي الإسلامي المدون باللغة العربية.
اللغة العربية هي التي وحدت كل العرب قديماً وبها يتوحدون اليوم ويؤلفون في هذا العالم رقعة من الأرض تتحدث بلسان واحد وتصوغ أفكارها وقوانينها وعواطفها في لغة واحدة على التنائي. لقد غدت العربية لغة تحمل رسالة إنسانية بمفاهيمها وأفكارها.
اللغة العربية هي الأداة التي نقلت الثقافة العربية عبر القرون، وعن طريقها وبوساطتها اتصلت الأجيال العربية جيلاً بعد جيل في عصور طويلة، وهذه هي التي حملت الإسلام وما انبثق منه من حضارات وثقافات.
إن اللغة العربية أداة التعارف بين ملايين البشر المنتشرين في آفاق الأرض، وهي ثابتة في أصولها وجذورها، متجددة بفضل ميزاتها وخصائصها، هذه الخصائص المتميزة والسمات الفريدة التي تجعل اللغة العربية لغة الحياة في كل العصور وترتقي بها إلى الذروة من القدرة على الإبداع في التعبير عن الإنتاج العقلي الراقي.
اللغة العربية في حاضرها تعيش نهضة عصرية جديدة، وإنها لقادرة على استيعاب المصطلحات العلمية وتمثيلها، وقد أخذت الجامعات في الأقطار العربية تهتم بتطوير اللغة لاستيعاب مصطلحات العلوم والفنون والصناعات والتكنولوجيا الحديثة.
إن مستقبل اللغة العربية قضية بالغة الأهمية في الفكر المعاصر، لها صلة قوية بسيادة الأمة العربية الإسلامية على ثقافتها وفكرها وعلى كيانها الحضاري وعلى حاضرها ومستقبلها. فليست هذه القضية قضية لغوية وأدبية وثقافية فحسب، بل هي عاملة مؤثرة في النهضة على الركب العالمي. تمتاز اللغة العربية عن سائر اللغات من خصائص عبقريّة تجعلها لغة المستقبل.
** **
الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها - جامعة عالية، كولكاتا - الهند
merajjnu@gmail.com