(المرض..) مثال، قال لي أحد الأحباب عن خدين له: لقد تغيّر صاحبي علي!، وربما على من حوله، فقد ذهب ذاك الذي ما عُهد إلا (باسما)، كثير الدعابات..
حتى لكأنه غاب عن سحائب اطلالته ذاك اللطف و..
سألته:
لماذ يا ترى..، أقصد هل هناك أسباب، تعزو إليها هذا التغيّر؟قال: أوقعه مرض أخذ منه جلّ طاقته تلك، كما وأنهكته مظاهر داءٍ غشاه
قلت:
المفروض أنك لا تعجب..
قال لماذا ؟، و لم يدعني أجيب بل استرسل/ هل من المعقول أن تتغير سمات الشخص سريعا هكذا، فإني وأنت تعلم سنّة (التدرج) لكن فجأة.. لا، لم أعد أفهم
قلت له: لو انتظرت أتمم جوابي السابق.
قال: تفضّل..
قلت: آية في القرآن.. تزيل كل عجبك، ويتزيّل عنك الخلط
تحمّس لما قلت، وتحفّز لسماع الآية.. فتلوت على مسامعه:
لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ ، ثم كررت عليه قصدا ختم الآية وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ
هنا لا أكذبكم أن ردة فعله كانت كلّها تسليماً، فأغراني بوادر حماسه لأبسط عليه شيئاً مما(1) فتح الله علي، وقدح المولى بذهني كـ(خاطرة)(2) وليس تسليما بصحّة مقالة مما سبق أن طرقتها عرضا، ومنها
سبحانك ربي كيف بعد الداء تسنّى؟!
فتذكرت بحقه- وأمثاله- الآية التي تنفي (الحرج..) (3) عن أولئك، أجل.
فحسبهم ما يلاقوا من عذابات الداء، فضلا عن ان بعض العلاجات تخلخل الجسد..
بل كم من علاج تضارب مع آخر، فتضاعف الألم!، وهنا بالمناسبة يعمد الطبيب- وهذا للعلم وأجيب عليه - بسؤال المراجع إن كان يأخذ علاجات، فيطلب منه إحضارها ليرى - أي الطبيب- أيها السبب.
وربما لأجل أن لا يكتب له علاجا يتضارب(4) مع آخر..، وختمت له/إن كان ديننا عذّر له بأهم ركن.. فالنبي صلى الله عليه وسلم قال للمريض (صل قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيًا هكذا أمره النبي عليه الصلاة والسلام، فالمريض يفعل وِفق استطاعته، فكيف لا تعذره أنت؟!
.. أمليت ما تقدّم (.. من كيسي) كما يقال(5)
وأما تفسير- الآية- فكما جاء في/ التفسير الميسر: أن الدلالة تعني «ليس على أصحاب الأعذار من العُمْيان وذوي العرج والمرضى إثم في ترك الأمور الواجبة التي لا يقدرون على القيام بها، كالجهاد ونحوه، مما يتوقف على بصر الأعمى أو سلامة الأعرج أو صحة المريض»..
** **
1) لا تقطع بأي حكمة بلغتها ولو وجدت من اشارات إصابة ما قلت به!، على الأقل أدبا مع كلام ربّك
2) الشيخ «الشعراوي» رحمه الله خجل أن يصف صنيعه بـ(تفسير)، فكأنه اختار لفظة (خواطر..)
3) الحرج: الضيق، ومنه: الحرجة للشجر الملتف المتكاثف بعضه ببعض، حتى ليصعب على الشخص أن يمشي فيه.
والمراد به هنا : الإثم.
4) لأن الطبّ تقدّم وأمست العلاجات (حتى) فيها خيارات، ليكتب له نوعاً لا يصطدم مع علاج سابق.. مضطرّا إليه المريض.
5) لا بد للمرء أن يوضّح، حتى لا يختلط على القارئ بين ما ذكره العلماء وبين ما قال به (هو).