في الأمس القريب، احتفت دول العالم وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، باليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي يوافق العاشر من ديسمبر من كل عام.
ومنذ قيامها وبعد توحيدها على يد الملك عبد العزيز آل سعود -رحمه الله - وضعت المملكة حقوق الإنسان موضع الاهتمام البالغ، وكفلت للإنسان مواطنًا كان أم مقيمًا، بالغًا كان أم طفلًا حماية حقوقه. فقد نص النظام الأساسي للحكم بصراحة على وجوب حماية حقوق الإنسان في كثيرٍ من أحكامه، ومنها المادة (8) وجاء فيها: «يقوم الحكم في المملكة العربية السعودية على أساس العدل، والشورى، والمساواة، وفق الشريعة الإسلامية»، والمادة (26) التي نصت على أن: «تحمي الدولة حقوق الإنسان، وفق الشريعة الإسلامية»، كما اشتمل النظام الأساسي للحكم على مبادئ وأحكام أساسية تهدف إلى حماية وتعزيز حقوق الإنسان، تُمثل في مجملها الإطار النظامي لحقوق الإنسان.
وأصدرت المملكة العديد من الأنظمة التي تحقق نقلة نوعية تسهم في حماية حقوق الإنسان وتعزز مبادئ تحقيق العدالة وتساعد على الشعور بالأمان القانوني مثل نظام الحماية من الإيذاء، نظام حماية الطفل، نظام رعاية المعوقين ونظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص الذي جاء متسقًا مع المعايير الدولية والإقليمية لمكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، فضلًا عن صدور العديد من الأوامر الملكية والسامية وقرارات مجلس الوزراء التي تزيد من قوة الإطار النظامي لحقوق الإنسان.
كما تم إنشاء العديد من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية التي تُعنى بحماية وتعزيز حقوق الإنسان أو بحقوق محددة منها، بجانب مسؤوليات الجهات الحكومية المعنية بالأساس بمراعاة حقوق الإنسان الكل في مجال اختصاصه، ومن تلك المؤسسات هيئة حقوق الإنسان كجهة حكومية ترتبط مباشرة بالملك تُعنى بحماية وتعزيز حقوق الإنسان وفقًا للمعايير الدولية في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية، وأيضًا الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان.
لم يقتصر الأمر على إصدار الأنظمة، بل أصبحت المملكة طرفًا في العديد من الصكوك الإقليمية والدولية لحقوق الإنسان.
لقد كان الاحتفاء بهذا اليوم في المملكة سانحة طيبة للتعرف على الإنجازات النوعية التي شهدتها في مجالات حقوق الإنسان المختلفة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله - والتي تجاوزت (90) إصلاحًا أسهم في ارتقاء المملكة في التصنيفات والمؤشرات العالمية لحقوق الإنسان، حيث اهتمت هذه الإصلاحات بتمكين الأفراد من معرفة حقوقهم المكفولة وفقًا للأنظمة، وبناء ثقافة المشاركة في جهود حماية حقوق الإنسان ودعمها في كافة المستويات والقطاعات، فتعليم حقوق الإنسان والتربية عليها ونشر ثقافتها يخلق بيئة سليمة للأجيال الحالية والقادمة.
كما حرصت الدولة- أعزها الله - ممثلة بهيئة حقوق الإنسان ولله الحمد على نشر ثقافة حقوق الإنسان والتوعية بها من خلال المؤسسات والأجهزة المختصة بالتعليم والتدريب والإعلام وغيرها من الجهات ذات الصلة، وعُنيت أيضًا بوضع السياسة العامة وتنمية الوعي بها، فالإلمام والمعرفة بحقوق الإنسان من المستهدفات الأساسية التي نص عليها تنظيم الهيئة بالتعاون مع المؤسسات الوطنية ذات الصلة بحقوق الإنسان.
ختامًا، تؤسس كل هذه الحقوق والجهود المبذولة لصونها، لبناء اقتصاد قائم على حقوق الإنسان، مما يتطلب من الجميع التكاتف والتعاون لتعزيز مبادئ حقوق الإنسان وحمايتها.