خالد بن حمد المالك
بعد ثلاث دول زارها ولي العهد، وهي على التوالي: سلطنة عُمان، ودولة الإمارات، ودولة قطر، كان على الموعد والوعد في زيارة رسمية لمملكة البحرين في رابع زياراته لخمس دول خليجية، ومثلما كان استقباله باذخًا في الدول الثلاث، كانت البحرين قد تهيأت ملكًا وحكومةً وشعبًا لإظهار فرحها وفرحتها للضيف الكبير.
* *
بدأت مراسم الاستقبال من المطار، حيث وُجد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة لاستقبال سموه، وكأن جلالته تعمد أن يرسل رسائل عن أهمية الزيارة، ومكانة الأمير محمد بن سلمان في قلوب البحرينيين، وأن زيارة سموه تمثل لهم شيئًا كبيرًا وعظيمًا ومهمًا على طريق تعميق العلاقات الثنائية ذات البُعد التاريخي والإستراتيجي بين المملكتين.
* *
على أن العلاقات السعودية - البحرينية لها من التنسيق في المواقف منذ أول زيارة للملك عبدالعزيز إلى البحرين ما يمكن أن تُوصف بأن رؤية الدولتين واحدة بشأن القضايا الإقليمية والدولية، فضلاً عن جهودهما في تفعيل العمل الخليجي والعربي والدولي، بما يسمح بإرساء الأمن وتحقيق الاستقرار على نحو يخفف من التوترات التي تمر بها بعض دول العالم.
* *
ولابد من التذكير بموقف المملكة التاريخي والدائم من الأطماع الإيرانية في البحرين، وممارساتها التخريبية في زرع الخلافات والفتنة بين المواطنين، ومحاولة المساس بوحدتها واستقرارها، ما جعل المملكة في موقف المساند والداعم ضد الأطماع الإيرانية، انطلاقًا بأن ما يمس مصالح البحرين يمس مصالح المملكة.
* *
وفي زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لاحظنا الاهتمام الكبير بتطوير العلاقات بين المملكتين، وزيادة فرص التعاون، والعمل على تفعيل مجلس التنسيق السعودي -البحريني، بما يؤدي إلى استمرار هذه العلاقات في إطار عمل مؤسسي يخدم شعبَي البلدين الشقيقين.
* *
وإذا علمنا أن مملكة البحرين هي الشريك التجاري الثاني للمملكة بين دول الخليج، أدركنا لماذا هناك عمل يجري لتحقيق بناء جسر في المستقبل يكون موازيًا لجسر الملك فهد ومكمِّلاً لمشروع شبكة سكة الحديد الخليجية، وأن العلاقات المتميزة تدفع بمثل هذه المشاريع نحو تحقيقها، وفقًا لرؤية مستقبلية تخدم بلدينا.
* *
كانت زيارة سموه فرصة لبحث مستجدات الأوضاع التي تشهدها المنطقة بين الملك والأمير، ضمن الاهتمام المشترك والحرص على وحدة الصف والموقف والمصير الواحد تجاه مجمل القضايا الإقليمية والدولية، تحقيقًا لما فيه مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين والسلم والأمن في المنطقة والعالم.
* *
ومن نتائج الزيارة الأميرية للبحرين تأكيد الجانبين على مضامين إعلان العُلا الذي نصَّ على التنفيذ الكامل والدقيق لرؤية خادم الحرمين الشريفين والتي أقرها المجلس الأعلى وفق جدول زمني محدَّد ومتابعة دقيقة، بما في ذلك استكمال الوحدة الاقتصادية، والمنظومتين الدفاعية والأمنية المشتركة.
* *
وفي الزيارة كانت القضية الفلسطينية حاضرة، وقد تم التأكيد على أن تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط لا يتحقق إلا من خلال التوصل إلى تسوية شاملة للنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، وفقًا لحل الدولتين، وقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية، بما يكفِّل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967م.
* *
كما لم تغب عن المباحثات بين الملك والأمير الأوضاع في العراق والسودان ولبنان وسوريا وليبيا واليمن وأفغانستان، مؤكدين على ضرورة حل معاناتها من خلال الحوار والتعاون وتغليب المصلحة العامة للوصول إلى الاستقرار والأمن والتنمية الشاملة.
* *
وكان هناك اجتماع لمجلس التنسيق السعودي -البحريني برئاسة ولي العهد في كل من المملكة والبحرين، حيث تم إطلاق عدد من المبادرات التي سوف تسهم في تعزيز التنسيق بين الرياض والمنامة، وتم الاتفاق على التعاون في الشأن العسكري والأمني، وتسهيل إجراءات عبور البضائع والشاحنات وكذلك الأشخاص، وتبادل الخبرات في مجال البترول والغاز، وتعزيز التعاون في مجال كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة، وكذلك الثقافة والإعلام والسياحة والتنمية الاجتماعية وغيرها.
* *
باختصار، يصعب الإلمام بكل ما تم في زيارة الأمير محمد بن سلمان لمملكة البحرين، فما تم أكثر بكثير مما أشرنا إليه، والنتائج كانت من التنوع والشمولية بما يمكن أن نقول عنها إنها تعزز فرص التكامل والشراكات القائمة وتضيف إليها.