يصادف الخامس من ديسمبر في كل عام اليوم العالمي للتطوع، وهو احتفالية سنوية يحتفل بها العالم منذ عام 1985م بهدف إيصال فكرة التطوع إلى الأفراد والمؤسسات كافة في العالم، لزيادة الوعي لدى الجميع بأهمية المشاركة بالعمل التطوعي في المجتمع.
وأساس العمل التطوعي هو قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (المائدة: 2)، ولا ننسى قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «مَثَلُ المُؤْمِنِينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمِهِمْ وتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الجَسَدِ إذا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى له سَائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والحُمَّى».
وقد روى الطبراني في المعجم الكبير، والمعجم الأوسط، والمعجم الصغير عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ وَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُور تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دِينًا، أَوْ تَطْرَدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلأنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ -يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ- شَهْرًا، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ، مَلَأَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- قَلْبَهُ أَمْنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى أَثْبَتَهَا لَهُ أَثْبَتَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- قَدَمَهُ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ». فالمجتمع الإسلامي وحدة متكاملة في الرحمة والتواصل والتعاون.
والتطوّع هو العمل أو الجهد الذي يُقدّم دون مقابل أو عوض مادي بدافع تحمل مسؤولية معينة وتقديم خدمة إنسانية للمجتمع أو البيئة.
أما المتطوع فهو الشخص الذي يسخّر نفسه عن طواعية ودون إكراه ودون اشتراطِ مقابلٍ مادي أو معنوي؛ لمساعدة ومؤازرة الآخرين بقصد القيام بعمل يتطلب الجهد الجماعي في موضوع معيّن.
وللتطوع فوائد عديدة، منها أنه يوجد روحًا إنسانية تعاونية بين أفراد المجتمع الواحد والمجتمعات المختلفة، فالتطوع هو ممارسة تتطلب ثقافةً ووعيًا بما يقدم لنا وللآخرين؛ لأن التطوع من المجتمع ولأجله، وهو نابع عن خلق العطاء العظيم ويعتبر عملًا ساميًا وجميلًا، وصدق الرسول -صلى الله عليه وسلم- إذ قال: «أحبّ الناس إلى الله أنفعهم للناس».
ومن الجدير بالذكر أن التطوع قد نُظِّم في المملكة العربية السعودية، فقد صدر نظامٌ للتطوع بالمرسوم الملكي رقم (م/ 70) في 27-5-1441هـ، وصدرت لائحة تنظيمية للعمل التطوعي، وكوِّنت لجنة وطنية عليا تشرف على العمل التطوعي بالمملكة العربية السعودية، ومنصوص على تكوينها في المادة الثالثة من نظام العمل التطوعي، والجهة المسؤولة هي وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بناء على الأمر السامي رقم 43635 بتاريخ 28-08-1439هـ.
وتسعى رؤية 2030 في المملكة العربية السعودية للوصول إلى مليون متطوع، جزى الله خيرًا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، حفظهما الله.