عبده الأسمري
منذ ذلك اليوم الذي يخضع فيه الإنسان إلى «نصح» خليط بين «الخطورة» و»العقاب» وهو في «استباق» و»استعداد» منعاً من الوقوع في «المحظور» فيكبر وتكبر معه أبجديات «التوجيه» حتى تتحول إلى مسلمات للالتزام.. فتأتي الرغبات والحاجات بمزيج بين «الترغيب» و»الترهيب».
يتعلم الطفل صغيراً مبادئ مثلى من البعد عن مكمن «الخطر» في التوجيهات الأولى التي يقابلها بعقل ذي إمكانات محدودة جداً ثم يكبر إدراكه ليواجه العديد من المخاطر المحتملة في محيطه بأسئلة «عفوية» واستفسارات «بريئة» وحينما يفقد الأمان ويفتقد الاطمئنان فقد يرتمي في الخطأ بدافع الفضول وبحيل دفاعية عنوانها «الاختفاء» عن نظر الرقابة..
تتمدد معطيات الحياة مع الإنسان فيبدأ أولى مجالات «التعاطي» مع فرضيات العيش وحتميات التعلم من خلال المدرسة التي تدخل في إطار جديد من «الوجوه» الغريبة و»المواجهات» الجديدة فتتشكل الشخصية في مسارات متعددة ينكص فيها إلى «خبرة» الذات في طفولة باكرة ويهرب منها إلى «تجربة» الفضول في مرحلة جديدة..
محطات العمر مليئة بالعقبات والعثرات والعوائق التي تتكامل فيها شخصية الإنسان بين المآرب والتجارب ما بين مد «الرغبة» وجزر «الرهبة» وتأتي الإمكانات والقدرات الخاصة لتفرض سطوتها وتنال حظوتها في السير بأمان لتخطي «الحواجز» والوصول إلى حدود الأمنيات بنفس واثقة تأخذ من «مخزون» التفكير إعانة مستديمة للوصول إلى «المبتغى» بطرق صحيحة بعيداً عن التعدي على المنطق والتجاوز على الحقوق.
المخاطر المتشكلة في الحياة بعضها واضح ومتجلٍ يظهر للإنسان وفق «المنطق» ويقرأه «العقل» بلغة «البداهة» وهنالك من يعمي «بصيرة» الداخل عن تلك القراءة الفكرية فيقع في الخطأ إن كانت «العواقب» مؤجلة أو عائمة فيظل في «استزادة» من الأخطاء حتى تتشكل طبيعته على «السوء» فتتغير الشخصية وتنحدر إلى منحنيات الفشل.
وهنالك مخاطر قد تكون خفية يحتاج الإنسان قبلها إلى استعداد مقرون بالنصح واستباق مقترن بالتوجيه التي إن غابت فقد يقع فيها كضحية أو يسقط خلالها ككبش فداء والمسؤولية في ذلك واقعة على كل من كان ذلك الشخص في محيط رعايته والتزم الصمت أو «التفرج» وهو يملك «مجهر» التوعية أو «بصيرة» المنع أو أداة العقاب ..سواء كان في إطار المسؤولية أو في مدار الوصاية أو مسار التربية.
تمتلئ النفس البشرية بتشكيلات معقدة ترتهن للخبرة وترتكن للتربية وتتماثل مع المعطيات وتتشكل مع التطورات وتتبدل وفق المتغيرات لذا فإن «الثبات» وسط محيطات «عواصف» الزمن تقتضي التفكر والتدبر في «قصص» مماثلة وفي «عبر» ماثلة في سياق «الحقائق» التي وطدها التاريخ كواقع للنتائج انبثق من وقع للأخطاء.
بعد كل مرحلة عمرية يبدأ الإنسان بالنظر جلياً إلى سنوات الماضي بعين «ثاقبة» بعد أن تجاوز فرضيات المرحلة واجتاز افتراضات المحطة التي خضع فيها إلى «اختبار» دقيق تتبارى فيه موجبات الحاجة وموجهات الاحتياج مما يجعل الشخصية في صراع بين مطالب الذات ومتطلبات الثبات ونزاع بين رغبة النفس ومغبة الفشل..
في خزينة «الذاكرة» العديد من «الملفات» العالقة والأخرى «المعلقة» والتي ترتبط مع مواقف الحياة ووقفات العمر ليرسخ الإنسان «النافع» منها الذي يكمل من خلاله مسيرة «الخبرات» ويستفيد على ضوئه من منافع «الخيارات» في سلسلة سنين تترابط من عمق «التجارب» وتمضي إلى أفق «المشارب» وصولاً إلى السلامة من الشرور والوقاية من المخاطر.
تكتظ خواطر «الإنسان» بإرث كبير تسمو فيه «عواطف» الإنسانية لتكون السلاح «الحقيقي» لمواجهة «عواصف» الأنانية حتى تتكامل في الحياة متون «الإعانة» بين الخلائق بعيداً عن أهداف «المصالح» الشخصية وبمنأى عن مآرب «المطامح» الذاتية ليكون «الكون» متسعاً لأحلام الجميع ومتاحاً لأمنيات الكل دون استثناء فالجميع في النهاية «بشر» متساوون في الحقوق ومتعادلون في الواجبات ومتكافئون في الفرص.
في نهاية كل عام يجب أن يراجع الإنسان «كشف» حسابه الاجتماعي والنفسي والسلوكي والإنساني بكل «موضوعية» حتى يستفيد من «خبرات» الحياة وينتفع من «تجارب» العيش وليكون «عادلاً» في الحكم على ذاته والآخرين و»منصفاً» في الوئام ما بين طموحاته ونتائجه حتى يعقد «صفقات» جديدة مع نفسه لعام جديد بعيد عن «الخسائر» وسليم من «المخاطر»..