عثمان بن حمد أباالخيل
من المستحيل أن يكون هناك إنسان على كوكب الأرض لا يغلط، فالغلط جزءٌ من الكائن البشري ومن المؤكّد أيضاً أنّنا سنرتكب غيرها. ألبرت أينشتاين قال مرةً: (الذي لم يرتكب الخطأ أبداً لم يجرّب أيّ شيءٍ جديد على الإطلاق). الأغلاط لها وجوه كثيرة في حياتنا لكنني سوف أركز على أغلاط الإنسان التي لا تنتهي، منها أغلاط عفوية وأخرى أغلاط مقصودة وأخرى لجس النبض والأصعب تلك الأغلاط عند الغضب، عن أَبي هريرة أَنَّ رَجُلًا قَالَ للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَوْصِني، قَالَ: «لا تَغْضَبْ»، فَرَدَّدَ مِرَارًا قَالَ: «لا تَغْضَبْ» رواه البخاري. هناك الكثير من الناس الذين لهم تاريخ من الندم على أغلاط ارتكبوها وقدموا الاعتذار (الاعتذار لا يعني أنك على خطأ فقط، بل يعني أنك تقدّر العلاقة مع الآخرين وتمنحها أهمية كبيرة) جبران خليل جبران. للأسف هناك غلطة تسمى غلطة عمر وهي التي تعيش مع الإنسان طوال عمره ولا يمكن التخلص منها أو نسيانها وهي موجعة ومؤلمة لحجمها وضخامتها وسريتها بينه وبين نفسه. حين يجلس الإنسان مع نفسه يحاسبها على الأغلاط ويعود بالسنين إلى الوراء ويقيّم قراراته وكيف تفاعل مع الموقف وكيف ندم وكيف قدم الاعتذار وكيف هناك قبول من الطرف الآخر. بعض الأخطاء لا تنسى حتى وإن سامحنا. (ونستون تشرشل).
كانت دراسة أميركية قد أشارت إلى أن ذاكرة المرأة تفوق ذاكرة الرجل 51 مرة، وقالت الدراسة إن هذه النسبة تزيد إذا كان الحديث عاطفياً أو مؤلماً وإن المرأة متسامحة، خصوصاً عندما تعطي الرجل كل الحب والوفاء والإخلاص ولا تجد المقابل من المشاعر. ومن ناحية تذكّر الأغلاط فإن الرجل ينسى أخطاء زوجته ولا يعاود فتح الماضي بعكس المرأة التي لا تنسى شيئاً ويبقى الأمر في ذهنها ونفسها تستحضره عند وقوع أي خلاف يحدث بينها فتقوم بفتح تاريخ الأغلاط والمشاكل وهنا تكمن ردة فعل الرجل الذي لا يحب أن يذكّر بالماضي والأغلاط مهما كانت ولا خلط الأوراق التي تقوم بها المرأة، أرى أن المرأة قد تغفر الأخطاء لكنها لا تنسى أليست هذه حقيقة.
الله عز وجل أودع في قلوب الأبوين حبًا، ورحمة، ورأفة، وعاطفة جياشة تجاه أبنائهما؛ فقلب الأبوين مفطور على حب الأبناء، وهما حريصان ألا يقوم أطفالهما بارتكاب الأغلاط حين تعاملهم مع الآخرين، التعامل مع الأطفال يحتاج إلى تمهّل ودراية فالتعامل مع أخطاء الأطفال لا يكون أبدًا بالضرب بل بفهم لماذا غلط وتوجيهه كذلك بالتغافل وتصحيح الخطأ قبل المحاسبة عليه ومن الأخطاء التي أرى أن الأبوين يقعان بها هي الإهانة وإحراج الطفل أمام الآخرين والمهم ترك الطفل يوضح وجهة نظره كاملة، واسأله بشكل مباشر «ما الذى دفعه لارتكاب هذا الخطأ؟» واسمعه للنهاية ولا تضخم حجم الغلط فيصبح الطفل مضخماً لكل أمور حياته. همسة لا تبالغ بالقسوة على نفسك حين تغلط اعتذر وصحح الغلط فنحن بشر نغلط.