يوسف بن محمد العتيق
خذوا هذه المعلومة: أسس الأستاذ علي المبيريك متحفاً نوعياً يعتبر أول متحف نوعي على مستوى كبير يحتوي مسيرة التعليم السعودي من بداياته 32 قسماً وأكثر من 5 آلاف قطعة يحتوي على نوادر التعليم دفاتر تعلوها صور الملوك والأمراء ومنها دفتر قبل توحيد المملكة ومنهج مؤرخ عام 1343 وكالة شرعية لاستلام شهادة طالب والكثير من النوادر ويركز على اقتناء الأصل.. وهذا أمر بحد ذاته كاف لأن نشكره ونذكره بالخير على هذه المبادرة التوثيقية الطيبة.
بعد هذه المعلومة أقول: المبيريك لم يقف عند ذلك بل قام ووفق إمكاناته المتواضعة خدم هذه الفكرة وهذا المشروع ليكون مشروعاً استثنائياً.
أبدع المبيريك على درجة أنه وضع متحفاً احتل الجزء الأكبر من منزله الخاص (تخيلوا) فوضع كل ما يخص التعليم للأولاد والبنات من المرحلة الابتدائية حتى المرحلة الثانوية، بل التعليم العالي.
وضع في متحفه الطاولات (أو بتعبيره الماصات) ووضع ما قبل الطاولات، وهو البساط الذي يجلس عليه الطلبة.
المقررات الدراسية بطبعاتها المختلفة كلها موجودة في متحفه الدفاتر والشنط والأقلام، وحتى الفلكة موجودة في متحفه.
وأزيدكم من الشعر بيتاً ومن القصيدة روعة حتى التغذية المدرسية التي كانت موجودة لديه الكثير من هذه العلب وهي لم تستخدم حتى الآن ومكن زواره من الاطلاع عليها.
وأكرر مع إمكاناته الشخصية لم يغفل المبيريك توثيق ما يخص معهد العاصمة وتاريخه (معهد الأنجال).
ومثل ذلك المعاهد العلمية فكتبها ومعلوماتها موجودة في هذا المتحف.
زيارة المتحف تأخذك إلى عالم آخر إذا كنت درست ولو يوماً واحداً في أي مدرسة سعودية قبل أربعين سنة.
والمبيريك يزود متحفه بالقطع بشكل دائم، حتى أنه يستحيل أن تزور حراج سوق الزل دون أن تجده يتفحص المعروضات ويتحدث مع الناس ويخرج بجديد ليخدم متحفه ورواده.
وقبل هذا وذاك هذا الرجل موسوعة متنقلة عن تاريخ التعليم، يحفظ التواريخ ويعرف المدارس ومديريها ومواقعها وأسماءها القديمة والحديثة، ويتحدث عن كل مدرسة وكأنه أحد طلابها.
وهنا أقول: يحزنني أن أقول إن متحفاً بمثل هذه القيمة ومالكه الذي بمثل هذا الحضور الراقي حين تتحدث وتلح في السؤال يذكر لك (من باب الخبر لا الشكوى) قلة الدعم الذي يعينه على الاستمرار وأداء رسالة هذا المتحف المهم.
هل يعقل أن متحفاً بمثل هذه الأهمية لا يجد الدعم والتشجيع المطلوب خاصة من المهتمين بالتعليم في بلادنا الغالية؟
وهمسة في أذن من يهمه الأمر ألا يحق لنا دعم هذا المتحف الذي يستقبل الزوار ويحمل ترخيصاً رسمياً في ذلك، وبخاصة أننا مقبلون على الاحتفال بمرور مائة عام على التعليم النظامي في بلادنا، حيث تأسست مديرية المعارف سنة 1343هـ.
وفي ختام هذا المقال أؤكد على جانبين:
الأول: أن هذا المتحف نوعي خاص بفكرة واحدة، وليس متحفاً عاماً كالكثير من المتاحف، وهذا أمر يتطلب جهداً استثنائياً في كل الجوانب.
الآخر: أن لو قلنا إن هذا المتحف هو الأول من نوعه في خدمة تاريخ التعليم لما كنا بعيدين عن الصواب.