خالد بن حمد المالك
كانت دولة الإمارات هي المحطة الثانية لزيارة ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان، ومثلما كانت عليه زيارة سموه لسلطنة عُمان من حيث حفاوة الاستقبال، وكرم الضيافة، وتطابق وجهات النظر سياسيًا وعسكريًا وأمنيًا واقتصاديًا، كان الأمر كذلك في دولة الإمارات العربية المتحدة، ومثلما وُقِّعت اتفاقيات هناك، تم التوقيع على اتفاقيات أخرى هنا، فالزيارة الأميرية الميمونة كانت مصحوبة بملفات للاتفاق عليها، أو استكمال المناقشات حولها، وصولًا إلى ما يعزز العلاقات بين المملكة وكل دولة من الدول الخمس التي كانت محطة لزيارة الأمير، أو من خلال المناقشات العامة التي تجمع الدول الخليجية الست، خصوصًا أننا على أبواب انعقاد مؤتمر القمة الخليجي في الرياض خلال هذا الأسبوع.
* *
من المشهد الأول، وحين نزل سمو ولي العهد من سلم الطائرة إلى مطار أبو ظبي، واستمعنا إلى كلمات الترحيب التي عبَّر عنها ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد الذي كان على رأس مستقبلي الضيف الكبير بالمطار، فظهرتْ سريعًا أولى الصور الإيجابية لهذه الزيارة، وكشفت عن أبعادها، وتحدثت عن أهميتها، وقالت أكثر مما سوف تقوله وسائل الإعلام لاحقًا، لأن هذه الروح الأخوية التي تبادل بها ولي العهد في كل من المملكة وأبو ظبي الكلام والسلام، وكانت حرارة الاستقبال على هذا النحو في المشهد الأول، أظهر ذلك لنا كم هي هذه العلاقة الثنائية بين الدولتين عميقة ومتجذرة، وذات بعد سياسي واقتصادي وأمني وعسكري.
* *
نعرف أن هناك تنسيقًا وشراكة بين المملكة ودولة الإمارات في المحافظة على وحدة الأراضي اليمنية من النوايا والأطماع الإيرانية، والدفاع عن أمن البلاد، وتعضيد الحكومة الشرعية في مواجهة المد الإيراني من خلال ميليشيا الحوثيين، لكن مثل هذه الزيارة الرسمية للأمير محمد بن سلمان، إلى جانب موضوع اليمن، فهي تركز على التكامل بين الدولتين في مجالات عدة، أبرزها الجانب الاستثماري والاقتصادي والأمني والعسكري، وهو ما ظهر واضحًا من خلال الاتفاقيات والبيان المشترك، وما تخلل الزيارة من اجتماعات تصبُّ وتركز على العلاقات الثنائية، ومثلها العلاقات بين مجموعة الدول الخليجية.
* *
أعتقد أن زيارة ولي العهد لدولة الإمارات مهَّدتْ الطريق للقمة الخليجية، لتسهيل ما هو متوقع أن يُعلن عنه من قرارات، فجدول أعمال القمة لابد وأنه حافل بكل ما يحقق مصالح دولنا، وأن الزيارة الأميرية فرصة لتحقيق تطلعات وآمال شعوب دول الخليج، وهو ما أظن أن الأمير محمد بن سلمان قد بحثها مع قادة دول الخليج أثناء زيارته لكل دولة من الدول الخمس، وبشكل مباشر، وبمواجهة أخوية لتحقيق رؤى مشتركة، وأهداف لا خلاف عليها، وسياسات متفق عليها، ما يجعل من مؤتمر القادة الخليجيين القادم، حدثًا استثنائيًا، وتاريخيًا، ويؤمل منه خير كثير.
* *
وعلينا أن نتذكر بأن القمة القادمة سوف تُعقد في البيت العربي الخليجي الكبير، وأنها قمة تأتي بعد المصالحة، ومتزامنة مع الأعياد الوطنية لبعض الدول الخليجية، وبعد جائحة كورونا والسيطرة عليها إلى حد كبير في دولنا، ومتوَّجة بهذه الزيارة الأميرية للدول الخليجية الخمس، أي أننا سوف نكون على موعد مع إنجاز خليجي كبير، وحدث غير مسبوق، وتطلعات لا نهاية لها، وشعوبنا تستحق الكثير، ولها الحق في أن تكون في حالة تهيؤ وانتظار لما هو آتٍ في المستقبل القريب.
* *
زيارة الأمير محمد واجتماعه بولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد وبحاكم دبي نائب رئيس الدولة الشيخ محمد بن راشد، وتلك اللقاءات بين الوزراء من الجانبين كلها تصبُّ في مشروعية أن نكون متفائلين وفرحين بهذه الزيارة لدولة الإمارات، وللنتائج التي تحققتْ وأُعلن عنها، وبينها تعزيز الشراكة الإستراتيجية، ومضاعفة الاستثمارات المشتركة، والتعاون في مجال النفط والغاز، وقطاع البتروكيماويات، والاستخدامات السِّلمية في مجال الطاقة النووية، وتجارة المنتوجات النفطية، والاستفادة من الربط الكهربائي، والتبادل التجاري للطاقة الكهربائية، والذكاء الاصطناعي، والتحوّل الرقمي، والأمن السيبراني، والصناعة، والتكنولوجيا المتقدمة.
* *
ومثل ذلك الاتفاق بين الجانبين في الموقف من لبنان، وفلسطين، واليمن، والسودان، والملف النووي الإيراني، وسوريا، والعراق، وأفغانستان، وذلك ضمن توحيد المواقف السياسية، وآلية تعاون الدولتين مع المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية.
- يتبع -