عبدالرحمن الحبيب
التطور في أي مجال يستند إلى عقود من العمل الذي يظهر أحياناً وكأنه قفزة مفاجئة ظهرت بين عشية وضحاها بسبب ظروف أو حالات معينة كجائحة كورونا التي أسهمت في تسريع تطوير تقنيات في شتى المجالات كما تم التطرق لها في المقال السابق، وهنا تتمة التطورات في مجالات البيئة والنقل التي ستظهر بقوة خلال عام 2022 (مجلة الإيكونيميست).
أهم قضايا البيئة هي الاحتباس الحراري، فإذا كان من المعروف أن الغبار والرماد المنبعث من الغلاف الجوي العلوي بواسطة البراكين لهما تأثير تبريد بسبب الظل الذي يسببانه، فإن الأمر يبدو بسيطًا نسبياً، فلماذا لا نقدم للعالم بعض الظل؟ تأمل مجموعة بجامعة هارفارد إجراء تجربة تتضمن توجيه منطاد في الستراتوسفير (إحدى طبقات الجو العليا)، لإطلاق كيلوجرامين من المواد (ربما الجير)، ثم قياس كيف تتبدد وتتفاعل، وتخفض الإشعاع الشمسي وطاقته الحرارية.
أما الاحتباس الحراري في طبقات الجو الدنيا فسببه الرئيس هو ثاني أكسيد الكربون؛ فلماذا لا يسحب مباشرة من الهواء؟ هذا ما تسعى إليه بعض الشركات الناشئة. في العام المقبل، ستبدأ الشركة الكندية (كربون انجنيرنج)، في بناء أكبر منشأة بالعالم في تكساس، قادرة على التقاط مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا. كما افتتحت شركة سويسرية (كلايموورك) مصنع يدفن ثاني أكسيد الكربون المحتجز في شكل معدني.. في عام 2022 سيستمر السباق لخفض التكاليف وتوسيع نطاق هذه التقنية.
السفن تلوث الهواء بنسبة 3 في المائة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فضلاً عن رواسب الديزل في البحر. لم تكن السفن تمثل مشكلة في عصر الشراع، فهل يمكن العودة إليه بتقنيات عالية؟ ستقوم ميشلان الفرنسية بتجهيز سفينة شحن بشراع قابل للنفخ من المتوقع أن يقلل من استهلاك الوقود بنسبة 20 في المائة. كذلك تخطط مول اليابانية لوضع شراع صلب متداخل على متن سفينة. بحلول نهاية عام 2022، سيكون عدد سفن الشحن الكبيرة ذات الأشرعة الجديدة قد تضاعف إلى 40 سفينة، وفقًا للرابطة الدولية لسفن الرياح.
استخدام الكهرباء كوقود في النقل البري معروف، فهل يمكن استخدامها للطائرات عبر كهرباء من خلايا وقود الهيدروجين، التي تفرز الماء فقط؟ من المقرر أن يتم اختبار طائرات الركاب بخلايا وقود الهيدروجين، بعض الشركات الأمريكية تخطط لإكمال تجارب طائرات تتسع لما بين 20 و40 مقعدًا (شركة ZeroAvia، شركة Universal Hydrogen).
لطالما كان يُنظر إلى سيارات الأجرة الطائرة على أنها شيء خيالي، لكنها تزداد واقعية. ستقوم العديد من الشركات حول العالم بتكثيف الرحلات التجريبية بهدف الحصول على اعتماد طائراتها للاستخدام التجاري. تخطط شركة جوبي الأمريكية للطيران، لبناء أكثر من اثنتي عشرة من مركباتها ذات الخمسة مقاعد، والتي يبلغ مداها 150 ميلاً. كذلك تهدف شركة فولوكوبتر الألمانية إلى توفير خدمة سيارات الأجرة في أولمبياد باريس 2024.. يوماً ما قد ينتقل الازدحام المروري من الأرض إلى السماء!
طائرات توصيل بدون طيار استغرقت وقتًا أطول من المتوقع للانطلاق. لكن القواعد الجديدة، التي دخلت حيز التنفيذ في عام 2021، ستساعد طائرات درون للتوصيل على التحليق.. تخطط الشركة ايرلندية مانا على توسيع خدماتها في إيرلندا وبريطانيا. تقوم ونج من جوجل بإجراء عمليات تسليم تجريبية في أمريكا وأستراليا وفنلندا وستوسع خدمة التوصيل من مراكز التسوق إلى المنازل، والتي تم إطلاقها أواخر عام 2021. وستبدأ شركة دروناميك البلغارية في استخدام طائرات بدون طيار مجنحة لنقل البضائع.
بعد عام مميز في السياحة الفضائية في عام 2021، حيث انطلق في الفضاء مليارديرات مدنيين.. الآمال كبيرة في العام المقبل بنقل المزيد من السياح.. شركة فيرجن جالاكتيك تعدل مركباتها لجعلها أقوى وأكثر أمانًا.. من جانبها، أبرمت شركة سبيس إكس صفقة لإرسال السياح إلى محطة الفضاء الدولية. هل ستكون هناك رحلات إلى القمر؟
المهندسون المعماريون يخططون لبناء منازل صديقة للبيئة، عبر توسيع استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد التي تنتج نماذج مصغرة للمباني، إلى بناء حقيقي، إذ يتم إخراج المواد من الفوهة على شكل رغوة ثم تتصلب.. طبقة تلو طبقة، تتم طباعة المنزل، إما في الموقع أو قطع بالمصنع يتم نقلها وتجميعها بالموقع. في العام المقبل ستستكمل الشركة الأمريكية Mighty Buildings تطوير 15 منزلاً صديقًا للبيئة مطبوعة بتقنية ثلاثية الأبعاد. كما تخطط شركة آيكون، لبناء مجمع مكون من 100 منزل مطبوع ثلاثي الأبعاد بالقرب من أوستن، وسيكون أكبر مشروع من نوعه.
أخيراً، إذا كان المؤثرون الحاليون على شبكات التواصل الاجتماعي بشر يتأخرون ويمرضون ويشيخون فإن المؤثرين الافتراضيين جاهزين على مدار الوقت، فهم شخصيات تم إنشاؤها بواسطة الكمبيوتر وتقوم بالمشاركة في إنتاجها على انستجرام وفيسبوك وتيك توك. أشهرها ميكيلا سوزا، أو «ليل ميكيلا»، وهي أمريكية برازيلية خيالية تبلغ من العمر 19 عامًا ولديها 3 ملايين متابع على انستجرام. مع توقع إنفاق 15 مليار دولار على التسويق المؤثر في عام 2022، سينتشر المؤثرون الافتراضيون. أيا ستيلا وهي مسافرة بين النجوم صنعتها وكالة تسويق كوزمك يونيفيرس ستهبط على الأرض في فبراير المقبل.. وقد أصدرت بالفعل أغنية على يوتيوب.