رمضان جريدي العنزي
لا تجعل المال يستحوذ عليك، ولا أن يجعلك خادماً ذليلاً مطيعاً، اجعله وسيلة نبيلة، ولا تجعله غاية مريرة، لا تصبح للمال عبداً، ولا تنحدر في متاهاته ودهاليزه، إن المال نعمة من نعم الله التي أغدقها عليك، لا تبخل به لا تطمع ولا تجشع، أنفقه على نفسك وأسرتك بلا إسراف ولا قنوط، ومارس به البر والإحسان وأوجه الخير كلها، اجعله لك وليس عليك، قال الشاعر:
إنَّ الدراهمَ في المواطِنِ كُلِهّا
تكسو الرجالَ مهابة وجَمالا
فهيَ اللسانُ لِمَنْ أرادَ فصاحةً
وهيَ السلاحُ لمن أراد قِتَالا
وقال آخر:
إذا المرءُ لم يُعتقْ مِنَ المالِ نَفْسَهُ
تَمَلّكه المالُ الذي هو مالِكُهْ
ألا إنّما مالي الذي أنا مُنْفِقٌ
وليس ليَ المالُ الذي تارِكُهْ
إنما المال ما ينفع، إن الإنسان بحاجة أحياناً كيف يدير ماله، كحاجته للطعام والشراب، وعليه تعلم فنون إنفاق المال ومهارات إنفاقه في سبيل الخير وطرق البر والصدقة والإحسان، حتى يعبر هذه الدنيا بسلام وهدوء وأمان. إن المال عند العقلاء وكرام النفوس وسيلة لحفظ الكرامة وتحسين مستوى الحياة، وليس غاية للتفاخر والتعالي والبطر، إن جني المال يجب أن يكون لإسعاد الآخرين وجودة الحياة، وليعلم صاحب المال أنه بعد أن يشقى ويتعب من أجل جمعه ولمه بقلق وتوتر وبطرق قد تكون صائبة وقد تكون خائبة سيتركه للآخرين من ورثته الذين ربما يستخدمونه بطرق خاطئة غير صحيحة ولا نظيفة، وعليه المبادرة السريعة في الاستفادة منه في الآخرة قبل الدنيا لأنها الباقية والخالدة، وفي الأخير إن المال الذي ينشر السعادة والبهجة على النفس والأهل والمجتمع يصبح وسيلة مرموقة وباقية، وصاحبه يبقى في النفس والقلب ويلهج له الآخرون بالدعاء آناء الليل وأطراف النهار، لكن حجب المال وكنزه ودفنه في خزائن البنوك دون صرفه فيما ذكر وكما أمر الله جل في علاه طريق مليء بالتوتر والشقاء والكآبة والمرض والقلق وسوء المنقلب.