د.عبدالعزيز العمر
دعا إيفان إيلتش قبل عدة عقود إلى نفي المدرسة من المجتمع، فقد رأى أن المدارس قد تكون مصدر ضرر وشر على المجتمع، وهذا الرأي بالطبع يخالف كل الأعراف السائدة عن المدرسة، وعن الأدوار الإيجابية التي تؤديها لصالح مجتمعها، ويرى إيليتش أن المدرسة ربما تكون مصدرًا لكثير من الشر، خصوصًا لدى من يطلق عليهم المتطهرون (مسيحيون) (Puritans)، هؤلاء من باب حرصهم على تربية أبنائهم وعلى ترسيخ وتعزيز بعض القيم الدينية والاجتماعية لا يرسلون أبناءهم للمدارس لكي لا يتم تلويث أخلاقهم ومعتقداتهم من قبل (عيال الناس) أو حتى من قبل بعض معلمي المدرسة أنفسهم. يقول هؤلاء المتطهرون إن أبناءنا يعودون إلينا من مدارسهم في المساء وهم يحملون معهم فيروسات أخلاقية، وعادات وممارسات هابطة، وأفكارًا سيئة تخالف كل التوجهات والسلوكيات الحميدة، ومن هذا المنطلق ظهر توجه تربوي مختلف يقضي بأن يتعلم الطفل في منزله (بشروط تحددها الدولة) ثم يذهب إلى المدرسة لحضور الاختبارات فقط.
ويذهب إيليتس إلى أبعد من الخوف على الجانب الأخلاقي القيمي للطلاب إلى الديكتاتورية والسلطة التي تمارسها المدرسة على مجتمعها، فهو يقول إن الطالب لن يحصل على فرصة عمل أو فرصة تدريب أو مشاركة مجتمعية ما لم تزكيه المدرسة بقطعة من كرتون (شهادة)، وقد يحصل الطالب على شهادة تزكية من المدرسة حتى ولو كان ضعيفًا في مهارات يبحث عنها المجتمع، وقد تحرم المدرسة الطالب من هذه الشهادة حتى ولو كان الطالب مبدعًا وخلاقًا.