رقية سليمان الهويريني
أطلقت أسرة سورية على ابنتها اسم (أنجيلا) تقديرًا للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي قالت كلمة شهيرة حفظها لها التاريخ «سننجح في ذلك» قالتها مع بداية أزمة اللاجئين حين أغلقت عدة دول أبوابها أمامهم، وأصبحت هذه العبارة من موروث المستشارة العظيمة. وبالفعل نجحت ميركل حين استطاعت الأسرة الاندماج في مجتمعها الألماني الجديد.
وها هي ترحل ميركل بعد حكم ستة عشر عامًا، أقامت خلالها دولة تعد من أقوى اقتصاديات العالم، دولة صناعية عظمى لم تصل لجودة صناعتها جميع الدول من حيث القوة والمتانة والحفاظ على اسم ألمانيا.
وقد استلمت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل المنصب والميزانية تعاني من عجز 94 مليار دولار وخمسة ملايين عاطل عن العمل. وغادرت منصبها وألمانيا رابع أقوى اقتصاد بالعالم حيث أنقذت البلد بحنكتها وحسن إدارتها! وما زالت ميركل تسكن بنفس الشارع وذات الشقة قبل المنصب وبعده، وبذمة مالية نظيفة بدون سرقات أو شبهات، فلم تختلس ولم تخن ولم تستغل منصبها. لذا وقف الشعب في وداعها مصفقاً لمدة ست دقائق.
ها هي ميركل ترحل وقد تركت في بلدها بصمة مشرفة، رحلت بهدوء دون تظاهرات ضدها ودون قمع ولا دماء ولا تصفيات.
وحين أكتب عن ميركل فلأنها امرأة سياسية عظيمة أسقطت نظريات ومرويات ضعيفة وهزيلة بأنه لا فلاح ولا استقرار وحضارة لشعب بقيادة امرأة! وهذه المرأة قادت بلادها إلى القمة في كل شيء ورحلت عن منصبها بإرادتها.
والحق أنني لم أشاهد ميركل قط في لباس غير محتشم أو ألوان فاقعة أو تسريحة مختلفة، فهي ترى نفسها سياسية وليست عارضة أزياء! كما قالت حين تم سؤالها لماذا لا تغير من لبسها أو شكلها لتتماشى مع الموضة؟!
ينبع احترامي للسيدة ميركل ويتمدد، لأنها تجسد المرأة الحقيقية التي خلقها الله بكرامة وسمو، قوية بشخصيتها، عفيفة عن المغريات. فهي تؤدي دورها وواجبها الوطني دون استفزاز بكلمات أو تصرفات جارحة، وهذا تحدٍ كبير حيث إن المدة التي قضتها في الحكم قد تعرضها لزلات لسان أو تصرفات عفوية ربما يتم تفسيرها بصورة خاطئة.
وحين تبكي أوروبا على رحيلها تخوفاً من القادم؛ فلأنها قد أوجدت توازنا في العلاقات الدبلوماسية بين بلدها وجميع بلدان أوروبا. أما بكائي على رحيلها فلأنها تشكل أمامي النموذج النسائي المنشود بكل جوانبه!
وداعا للسياسة ومرحبًا بميركل المتقاعدة القارئة.