سلمان بن محمد العُمري
من الأمثال المستجدة لدينا والتي لم ترد في تراث العرب قول (الخُلع أسهل من الخَلع) ويقصد بذلك أن خلع المرأة لزوجها أصبح أيسر من خلع الضرس.
وقبل أيام عدة وصلني استبيان أكاديمي لأحد الباحثين عن مسببات الخلع، وقبل أن استعرض ما ورد في استبيانه أقول: ليس غريباً أن يتناول مثل هذا الباحث موضوعاً مهما بات حديث المجتمع، وقد تزامن هذا البحث مع موجة من التعليقات في وسائط التواصل وفي وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة على هذا الموضوع، وحتى في خطبة الجمعة بالمسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف تم تناول هذا الموضوع مما يعني أن ثمة ظواهر غير طبيعية استجدت في موضوع أقره الشرع للمرأة بنصوص صريحة من الكتاب والسنة.
ذكر الباحث مجموعة من الأسباب المؤدية إلى الفرقة بين الزوجين، وتعود إلى:
- انعدام المصداقية والغش على أهل البنت بأخلاق الرجل عند السؤال عنه، والعكس.
- اختلاف الثقافة المجتمعية، والثقافة التعليمية.
- البخل.
- تخبيب أحد الزوجين على الآخر.
- عمل أحد الزوجين في بيئة مختلطة اختلاطًا محرمًا شرعًا.
- استغناء المرأة عن الرجل (مادياً).
- وسائل التواصل الاجتماعي، وما يتعلق به من المقارنات بالحياة الظاهرية والمادية. (السوشال ميديا، من: سناب، وخلافه).
- عدم تقبل ظروف الطرف الآخر: المادية، أو الصحية.
- الخيانة الزوجية.
- ضعف الوازع الديني لدى أحد الزوجين.
- ضعف الوازع الديني في منزل الزوجية بشكل عام.
- التقصير في الحقوق الزوجية.
- التأثر بالفكر النسوي.
- العنف الأسري، لاسيما استعمال الضرب.
- الرغبة بتحديد النسل.
- السماح للأهل أو الصحبة، بالتدخل في الحياة الزوجية.
- زواج الزوج بامرأة أخرى.
- نسيان فضل الله، ثم المعروف بينهما.
- تراكم المشكلات بدون نقاشها وحلها.
- الإكراه على الزواج.
والحق أن جميع ما تم ذكره قد تكون أحد أسباب الفرقة أو الخلع بحسب حال أصحابها، وقد يجتمع أسباب عدة منها، وكما يقول المثل المشتق من الحديث النبوي (أحشفاً وسوء كيلة).
يقول أحد المحامين: عاصرت على مر السنين قضايا زوجية يشيب لها الرأس وقد شاب فعلاً لذا لا يمكن تحميل طرف دون الآخر مسؤولية انتشار حالات الطلاق بل يجب مناقشة الأسباب من الجوانب كافة.
ويؤكد ذلك أحد المشايخ من طلبة العلم معلقاً على سوء المعاشرة مع الاحتيال: في أن بعض الرجال يؤذي المرأة بلا سبب حتى تختلع منه، ويذكر عن شخص أن عنده 500 ألف بالبنك، جمعها من خلع خمس نساء، فهو يدفع مهرًا قيمته 15 ألف ثم مدة يسيرة ويؤذي المرأة حتى تخالعه بـ100 ألف، نسأل الله العافية من أمثال هؤلاء.
ومن المعلوم أنه لا يجوز الخلع إلا إذا كانت المرأة متضررة، وضرر المرأة قد يكون حسياً كالضرب وغيره، وقد يكون معنويًا كالكره والبغض وعدم التقبل، والصحابي ثابت بن قيس من المبشرين بالجنة، وزوجته طلبت الخلع لأنها كرهت خلقته ولم تكره من دينه ولا أخلاقه.
ولو رفض الزوج الخلع، والمرأة متضررة من الزوج، فإن القاضي يفسخ النكاح.
وحيل الخلع والكذب فيها ليس وليد اليوم فقد ذكر ابن القيم أن امرأة أرادت مفارقة زوجها ولم تجد حيلة، فأفتاها مفتى أن ترتد عن الإسلام، فإذا ارتدت صارت حراماً على زوجها وانفسخ العقد لأن المسلم لا يجوز أن تكون زوجته كافرة، قال ابن المبارك: من أفتى بهذا فقد كفر.
والخلع في الأصل أن يكون بعوض للرجل {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}، ما هنا تدل على العموم، فتعطي المرأة الزوج أكثر أو أقل من المهر إذا خالعته، وهذا قول الجمهور.
والخلع حق شرعي للمرأة، وإذا كان طلب الخلع لسبب فلا بأس به، أما إذا طلبت المرأة الخلع لغير سبب شرعي كأن تطلب الخلع لأجل أن تتزوج برجل آخر، فهذا لا يجوز، ويدل لذلك حديث ثوبان -رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس، حرام عليها رائحة الجنة» رواه أحمد، والمشكلة في بعض الحالات أن يتم إساءة استخدامه من قبل بعض النساء المغرر بهن وخاصة جليسات السوء المباشرات أو عبر السنابات ووسائط التواصل اللاتي دائماً ما يوصين المتزوجات بكلمة (اخلعيه)، ولكن ليست كل زوجة تطلب الخلع لتحصل على الحرية وربما علاقة محرمة!، بل إن الكثير من الزوجات عانين من الخيانة والأذى وعدم الإنفاق وسوء المعاملة وغيره وليس لديهن دليل أو لا يرغبن في فضح أزواجهن واكتفين بطلب الخلع فلا تظلموهن.لكن البعض تساهل في خلع زوج، أو طلاق زوجة رغم وجود محاسن، وبعض العيوب، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم «لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقًا رضي منها آخر» رواه مسلم.ستظل «ظاهرة الطلاق في المجتمع السعودي» قضية وطنية تستوجب تضافر الجهود للإسهام في الحد منها، لما لها من آثار خطيرة على الفرد والمجتمع، وتتعجب من تهاون وتساهل البعض في التقليل من مخاطرها باعتبارها مشكلة أسرية فقط، وتصاب بالدهشة والاستغراب حينما ينبري أحدهم في مغالطة الواقع، وتقديم معلومات غير دقيقة للرأي العام عن تلك الظاهرة المؤلمة التي تنخر في جسد الوطن، وتفتت الكيانات المجتمعية، وتهدم البناء الأسري.