نورة عبدالله آل قراد
يستحيل من المستحيل كلمة تستصعب قولها، لأنها تسبب لك في بعض الأمور التعب، والوقوف لا تستطيع أن تحرك ساكناً، فهذه الكلمة إن قيلت في ناحيةٍ إيجابية كأن يستحيل أن أنسى موقفاً نبيلاً بدر منك إلا أن يكون الأمرُ هنا مختلفاً عن نطقها في النواحي السلبية من أمور الحياة، فقول يستحيلُ أن يحصلُ لك الشفاءُ من مرضٍ عُضال، هنا يبدأ ثأثيرُ المستحيل يتسللُ بكلِ حرفٍ من تلك الكلمة إلى جميع ذرات الفكر قبل أجزاء الجسد، ويحدثُ بذلك كما الصدمة القوية لمركز العصب ويصعبُ التحكم في اتزاننا، وتشعرُ كما الدوار الذي يصحبك متحكماً بك، ويُسكرُ أعضاءك، فلا تعد تشعرُ بمن حولك، أو ما قد تصطدمُ به أمامك وتأخذُ بالدوران، ويُعملُ بك كما الطواف البعيد، وتعتقدُ أن يُلف بك بسرعةٍ قصوى حول الكرةِ الأرضيةِ، وتخرجُ عن السيطرةِ بجسدك.
هنا يتغلغلُ إليك عبر ترددات انهيار وفلتان قدراتك، تلك الذرة الصغيرة، حيث تعملُ بك عملاً جباراً، وتقلبُ ذلك الخلل بك والتيهان إلى اتزانٍ ذي دعائمٍ عظيمة، فهي آتيةٍ إليك من مركز ثبوتك بالكون، من حيثُ تلك الركائز القوية حيثُ ابتدأت نشأتك من عمق لطفِ الخالق العظيم، فتردد عليك لا يوجد لدى الله ما يُدعى بالمستحيل.
أفق من سكرِ تلك الكلمات، واسترجع وجودك من العدم، وأحبس أنفاسك طويلاً، وأهطل غزير دمعات العيون، لكي تستبين ما حقيقة أن من قال للشيء كن فيكون فكان الأمرُ هنا بين الكافِ والنون استدر قليلاً وانظر إلى جميع ما حولك حينها ستعلمُ أن تدابير الله أعظم من قول المستحيل.
اغرس ذلك في أعلى مركزٍ لطاقةِ فكرك لكي توقدها بوقودِ عظمة الخالق، وتقتبس هنا ذلك النور الذي يُبدد جميع مخاوف المستحيل.
يا لها من حياةٍ، لا نكادُ نعيشُ بها إلا لحظاتٍ جاريةٍ سرعان ما تنقضي.
فلم نستصعبُ ما نُلاقي من أمورِ وجودنا، وأعمالِ أعمارنا، تجري بنا لا محالة إلى أقدارنا حيثُ مركب الأمان. هناك لا وجود للاستحالة.
قال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا}.