تلَفَّتَتْ لكِ عينٌ خانها البصرُ
الدمعُ أعْشَاهُ لا راءٍ ولا بُصُر
وحار خَطْويَ حتى كاد يُقعدني
والقلبُ في لوعةٍ للدَّار يعتذر
فيحاءُ عذراً إذا ودعتُ أفئدة
الأهل والنخل والجيران والعُمُر
ومرتع كان مهوانا طفولتنا
قد أودَعَتْه جميلاً فيه ندَّكر
كمِ المُصفَّرُ أوحى للغضا شجناً
فللطعوس تباريح لها خبرُ
من ذكرياتٍ بنفح الشيح غادية
عشيِّها كم به يُسْتَفتح السَّمرً
أبي؟؟ أبي يا له عُمْرٌ طواه أبي
العلم خابية للشهد يَعتصر
روَّى وانْهَلَ فيه من تَعَهَّدَهم
أبوةً من شباب للعلا سهروا
للعلم يحدوهمُ وعيُ وهمتُهم
عُلْيَا لها أسرجوا الآمال ما خسروا
حتى تميَّز جيل أوقدوا شعَلاً
للعلم فاشتاره مُدنٌ به عَمَروا
عقول من نهلوه راق مشربه
عذب فراتٌ وما في وِرٌدهِ كدَر
عذراً أبي ما بقلبي أنت تعرفه
يكاد من فيضِه كالنهر ينفجر
عنيزة هكذا الذكرى تراودني
أنَّى تذكرتُ فهي الوِردُ والصَّدَر
عذراً أميرة عشقي إن تلبسني
وقتُ الفراق وأذْكتْ ماضياً ذِكَرُ
فالقلب يا أنتِ لا ينفك يوردني
ما كان ماضيهِ وهَّاجٌ ويستعر
كأنه كوكبٌ دريّ ما فتئت
يجدد العمر ذكراها ولا يذر
هي المعين لأيامي التي سلفَتْ
وفي تذكرها السُّلوان والعِبر
فيحاء هذا أوان الصبر إنَّ به
يحلو التَّعلُلُ والسمَّار ما سمَروا
عفواً عنيزة إن ودعتُ عاشقة
للحسن إني لهذا العشق اعتذر
** **
- أحمد الصالح / مسافر