هكذا جاء.. بلا صخب..
ولا أصوات.. ولا موسيقى..
هادئاً ومنهمكاً في ذاته..
في الساعة الأولى اختار الغيبة..
وفي الساعة الثانية اختار العود..
لكن المدينة التي أقامت سقوفاً وشبابيك..
وأحجار مواقد..
لم تزل أزقتها المتربة تفترش خطاه الأخيرة..
وأنا أخطو خفيفاً على مهاد ولادتي..
أصمت قليلاً عن احتضاري الطويل..
السماء قريبة.. وأرضي لم تزل بعيدة..
وبعد أعوام.. عاد.. كي يرمي حجارة طفل في هدوء البحيرة..
كي يكون الغريب الأول..
والحبيب الأخير..
كي يصنع سكرة في هدوء الكلام..
كي ينقل ذهب المسافر..
ويسوق شمس العودة في عتمات التيه..
كي يخوض لحظة التوهج من جهاته الثلاث..
ويسري مثلماً يسري الماء في شقوق الجبال..
جاء في ريعان أجفانها المغمضة..
ليفتح نافذة وراء السور..
لم تعرف لماذا جاء..
ولن تعرف ماذا يفعل..
ولن تدري به حين يناديه الرحيل..
** **
- د. أسعد بن ناصر الحسين