أفتشُ في وجهِك
عن بُعديّ الضائعِ قبل اكتمالِ الخلقِ
وجريانِ الماءِ في عنقِ الأرضِ
وانزياحِ النجومِ إلى أفقِ السماءِ
ذاتَ مساءٍ
انهالَ الحُبُّ من فوّارةِ النورِ
فانداحت لي النبوءَةُ
تسرني قبل ميلادِ الزمنِ
بأنّ أنصافَ البشرِ؛ يُطيلون السيرَ في المداراتِ
ويُبدعون في تقفّي الأثرِ
يتعقبون الريحَ وخيوطَ الشمسِ
ليُدرِكوا القدَرَ قبلَ أن ينتهي عهدُه
أو تُشَلَّ يدُه
أو تُبترَ أمنيَاتُه
أو يبتئسَ من طولِ الانتظارِ
***
أشغلتني النبوءةُ بأساطيرِها
(ظلُّ) الليلِ يتدفقُ
يتدفقُ
يتدفقُ
ظلي يتعقّبُ ظِلالَ وجهِك في الظلامِ؛
في الظلامِ؛
تبهت الأحلامُ وُتسْدَلُ كلُّ راياتِ الحماسةِ
تُنكَسُ شعاراتُ الانتصارِ
أضواء الشوارعِ ينطفِئ جُلها
ولا يبقى على الطريقِ العامِ
إلا المتصالحين مع وحشتِه
ووحدتِهم
في الزمنِ المستعارِ
***
أتيتُك خِلْسة،
صمّاء تتعقبُ الضوءَ؛ حيلتُها الأخيرة
لمعت على صدرِك قلادة
كلمني البريقُ: الأمنياتُ تعرفكِ جيدًا
امرأة كالنبضِ
يستفيقُ كلما نامَ إثر صعقةٍ جامحةٍ
فرّ الهواءُ من رئتي: أنّى لك أن تعرفني؟
كلمني البريقُ: امرأةٌ، شجرةٌ
تفيضُ بالأزهارِ مع أولِ قطرةِ غيثٍ
وفي البحرِ، تطفو بالأمنياتِ الصغيراتِ
تحميها من الطوفانِ
وبعد كل صراعٍ
تستريحُ على خشبةٍ صغيرةٍ
ممتلئةً بالندوبِ لكنها حامية من الغرقِ
تديرُ عينيها مرةً ناحيةَ الشفقِ
وأخرى نحوَ الساحلِ المُستريحِ
تجرُّ الزورقَ بمجدافيها الصغيرين
فإذا أثقلها الإبحارُ
ذرفت دموعَها خارجَ النصِّ،
تغسلُ وجهَها
تحت عينِ الشمسِ
تكلمُ الضوءَ:
انتظرني، أنا قادمةٌ.
** **
- رجاء البوعلي
@RajaaAlbuali