محمد بن عبدالله آل شملان
وصف العميد بحري متقاعد سعد بن محمد آل ضرمان، الملك المؤسس عبدالعزيز -طيب الله ثراه- قائلاً: «الملك عبدالعزيز يعد من أعظم قادة وزعماء هذا القرن، وأبرز صناع التاريخ المعاصر، فقد اجتمعت في شخصيته كل مقومات الزعامة والإرادة والإصرار، فأصبح قدوة ومثلا صادقا يحتذى به، فقد أقام كيانا راسخ الجذور نتفيأ ظلاله».
ومضى يقول: «إن تاريخ الملك عبدالعزيز متنوع ومتعدد الجوانب، وجدير بالاهتمام والاستقراء الكامل، فهو تاريخ أمة وقصة كفاح خاضها في سبيل البناء والخير، أشاد بها مؤرخون وعلماء وساسة وأدباء، فلم يكن تاريخ توحيد وتأسيس كيان كبير فحسب، بل كان تاريخ عطاء وبناء على أسس علمية ومنهجية فنية، تؤمن بالعلم كما تؤمن بالإيمان، وتنطلق من الاهتمام بالإنسان والعناية به، باعتباره الأساس الصلب والمتين لعملية البناء والتنمية».
وقال آل ضرمان في سياق الحديث عن الملك عبدالعزيز: «لقد ترك الملك عبدالعزيز بصمة على كل ناحية من نواحي حياة هذا الوطن، وأثمرت شخصيته الفريدة أطيب الثمار وأعذبها، رعاها ونماها أبناؤه البررة ونتمتع بحلاوتها وطلاوتها في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله وأيده بتوفيقه وعونه- هذا العهد الذي يعد علامة وضاءة في تاريخ هذا الوطن، فقد توالت الإنجازات في المجالات كافة ومست كل جوانب حياة الإنسان على هذه الأرض الطيبة، بل تعدت حدودها إلى جميع أرجاء العالم. فقد دخلت المملكة في هذا العهد الزاهر -المديد بإذن الله- مرحلة مهمة في مسيرة البناء والإنجاز، ولن يتأتى هذا إلا بالالتزام بالمنهج الإسلامي الحنيف، وهذا ما تحرص عليه وتعمل به حكومتنا الرشيدة وهو الرباط إن تمسكنا به فلن نضل أبدا، وحوادث التاريخ أبلغ شاهد، والله خير الشاهدين».
جاء ذلك في ثنايا مقدمته لإصداره عن المؤسس الملك عبدالعزيز، بعنوان «صفحات مضيئة من سيرة بطل»؛ حيث جاء الكتاب في ثلاث مئة وسبع صفحات، في ثمانية أبواب، تضمنت الموضوعات الرئيسة التالية: الدولة السعودية في أدوارها الثلاثة؛ تلاه موضوع عن جوانب من شخصيته وصفاته؛ فآخر عن: أعماله؛ ثم موضوع بعنوان: الاهتمامات التعليمية والثقافية والأدبية؛ ومنه إلى موضوع عنوانه: الملك عبدالعزيز في ذاكرة التاريخ وأقواله والألقاب التي أطلقت عليه؛ فأبناؤه الحكام والملوك من آل سعود التي حملها الكتاب في موضع، تلاه آخر عن: النظم الإدارية والاجتماعية في عهد الملك عبدالعزيز، ونماذج من رسائله في هذا الشأن؛ فجوانب من حياته الأسرية، ثم موضوع عن: صفاه وجوانب من حياته؛ التي تلاهما موضوع بعنوان: قصيدة في رثاء الملك عبدالعزيز؛ ثم الخاتمة؛ التي أعقبها المؤلف بالمصادر والمراجع.
أما عن فكرة إصدار هذا الكتاب عن سيرة المؤسس عبدالعزيز ومسيرة جده معه سعد بن محمد بن سالم آل ضرمان ومن بعده ابنه محمد بن سعد آل ضرمان، فقال المؤلف: لقد أثار حفيظتي وشد انتباهي منذ مرحلة الإدراك، اهتمام والدي بصندوق خشبي ملقى في إحدى حجرات المنزل في أن أتساءل عن سبب ذلك الاهتمام وتلك العناية بهذا الصندوق؟! فكانت الإجابة بأن: (هذا الصندوق جزء من تاريخ هذه البلاد). واستقصيت أكثر عن مغزى تلك الإجابة، فكان أن أمرني والدي بإحضار الصندوق وفتحه، وقال لي: عليك بالاطلاع ثم إن أردت الاستيضاح عن شيء سأوضحه لك، ووجدت نفسي أمام كمّ لا يستهان به من وثائق وأوراق تاريخ أغلبها يرجع إلى بدايات القرن الماضي ويتعلق معظمها بمرحلة التأسيس، وكثير منها يحمل توقيع الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - يرحمه الله - وهي موجهة إلى جدي ومن بعده لوالدي، تحمل أوامر وتوجيهات ووصايا وإيضاحات من ولي الأمر إليهما. أخذت أدقق وأفحص هذه الوثائق، وأيقنت كم كانت رحلة توحيد هذه البلاد شاقة وقاسية، وكم عانى أهلها قبلها، وكم بذل أبناؤها من قوتهم وجهدهم بل أنفسهم في سبيل تحقيق هذا الهدف، وهو توحيد البلاد تحت اسم المملكة العربية السعودية.
وبمرور السنوات تبلورت في ذهني فكرة جمع هذه الوثائق في كتاب ليدرك أبناء هذا الوطن المعطاء ما كان عليه الأجداد والآباء في الماضي وما نحن فيه الآن من نعم وأمن ورخاء، وكم جاهد وكافح الملك المؤسس في سبيل ذلك مما هو معروف وما زال أكثره بحاجة إلى الإبراز.
كما وصف مقدم الكتاب المؤرخ عبدالكريم بن حمد بن إبراهيم الحقيل، هذا الإصدار «صفحات مضيئة من سيرة بطل»؛ قائلاً: «إن هذا الكتاب بُذل فيه من الجهد والبحث والاستقصاء ما هو بارز في كل صفحة من صفحاته، الذي ألقى الضوء فيه على بعض من جوانب حياة الملك عبدالعزيز وجهوده في سبيل إرساء دعائم هذا الكيان الشامخ، ثم تطرق المؤلف إلى عرض وشرح لنماذج من الرسائل والبرقيات والوصايا التي أرسلها الملك عبدالعزيز - رحمه الله - إلى مشائخ أسرة آل ضرمان وما تضمنته من أمور تتعلق أغلبها بهموم ومشاكل مواطني وادي الدواسر ممن يصعب عليهم في ذلك الوقت الوصول إلى ولي الأمر محل إقامته، للعمل على حلها في أسرع وقت».
وأضاف الحقيل في سياق حديثه عن إعداد هذا الكتاب: «والكتاب وإن كان جله يتحدث عن الملك عبدالعزيز إلا أنه يوضح لأبناء هذا الوطن المعطاء ويسجل للأجيال المقبلة دروساً وعبر- وخاصة القسم الذي يحوي تلك الرسائل - ما كان عليه الآباء والأجداد وما بذلوه وتحملوه وواجهوه حتى أصبحنا على ما نحن عليه الآن من نعمة الأمن والرخاء والرفاهية، فليس العلم أن تعرف المجهول ولكن أن تستفيد من معرفته، والفضل في هذا كله لله سبحانه وتعالى ثم تمسك أهل هذه البلاد بالعقيدة السمحة وإيمانهم القوي بالله».
أما مما جاء في رسائل الملك المؤسس عبدالعزيز -رحمه الله- التي كان يكتبها، فكانت تحتوي على أوامر يوضح فيها ما يجب عمله اتجاه الدولة واتجاه أنفسهم واتجاه الرعية مع التنبيه إلى المحافظة على الأمن والاستقرار والحرص على تطبيق شرع الله وإشعار المسؤولين سواء كان شيخاً أو أميراً أو قاضياً بالمهمة التي وكلت إليه، والتنبيه على الرعية بأن يطيعوا ولي الأمر الذي يمثل الدولة وكذلك التعامل مع عمال الدولة.
ولقد سعى المؤلف العميد بحري متقاعد سعد بن محمد آل ضرمان في ذلك الكتاب الذي جاء في ثلاث مئة وسبع صفحات من القطع الكبير إلى عرض تلك الرسائل بالفكرة مع الهدف والموصوف مع الصفة والكلمة مع البرهان والوسيلة مع الغاية أن يخرج هذا الكتاب إلى النور ليقدم فيه هذه الشخصية التاريخية، والقامة الإدارية، إلى الأجيال جيلاً بعد جيل، بما يصافح الأيدي والعيون والعقول على خارطة هذا العالم ومستجداته وأحداثه.