أ.د.عثمان بن صالح العامر
ببساطة الإنسان الحائلي وتلقائيته المعهودة والمتوارثة خرجت من قلب أحد الحضور لافتتاح الفورمولا بجدة مساء يوم الأحد الماضي (يا بعد حيي يا محمد) كلمة ترحيب عميقة الدلالة عظيمة المبنى معروفة وشائعة في مجتمعنا الحائلي، بل هي بصمة خاصة بنا لها قصة وتاريخ، فصفق لهذا الصوت الندي الذي سيبقى محفوراً في ذاكرة الفورمولا الجمهور، وطال التصفيق بعد أن استقبلها سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد الأمين، بلغة جسدية حارة تنم عن أن القلوب هي من كان في المكان والزمان والحال.
ولغرابة الموقف لمن لا يعرف تفاصيل الحكاية ولا يفهم لغة التخاطب ورمزيته ولا يدرك عمق الكلمة وخصوصيتها، التفت الضيف لمن كان بجوار سمو الأمير يسأل عمّا قيل، ولما كانت ردة الفعل قوية ومؤثرة؟
في بعض المواقف يكون التواصل القلبي هو الأساس، واللغة المحكية أو الجسدية هي مجرد أداة تحاول أن تحمل شيئاً من المشاعر الفياضة والعواطف المتقدة لتوصلها كما هي لمن هي له، وهذا ما نقلته للمتابعين كاميرات التصوير، فكان التفاعل الجماهيري عبر مواقع التواصل الاجتماعي وما زال معبراً بكل مصداقية ووضوح عن الحب العميق لولي العهد الأمين الذي يعده الوطن بكل أطيافه وبجميع طبقاته القائد الملهم والمخطط البارع والاستراتيجي الذكي الذي لم يجعل لحد الطموح السعودي إلا السماء، وراهن على شباب وفتيات الوطن العالم أجمع.
«وعن (بعد حيي) فتذكر كتب التاريخ: أن أول من أطلق هذه العبارة هي سفانة ابنة حاتم الطائي أخت عدي ابن حاتم، وذلك عندما مرت بحائل مع أهل البيت قادمة من الشام بعد مقتل الحسين -رضي الله عنه-، فلما سألت قومها عن أخيها عدي أخبروها أن عدي ذهب إلى العراق يقود جيشاً فقالت «بَعُدَ حيي» بمعنى: ذهب أهلي، وبقيت هذه الكلمة متداولة حتى حُرفت إلى «بَعدَ حيي».
إن المتحدث عندما يستخدم عبارة «بعد حيي» لمحدثه فإنما يعني بذلك تجسيد صدق محبته ومودته له بحيث يعتبره بصدق نية وسلامة مغزى أنه يستخلفه في الأحياء من الذين يحبهم ويودهم أهله وأقاربه وذويه وأصدقائه وكل من يعرفه، وقد يتجاوز المتحدث الأحياء إلى الأموات فيقول «يا بعد حيي وميتي» وهو بذلك يبلغ الذروة في محبته ومعزته لمن يخاطبه، فيقدمه على أحيائه وأمواته. وهذه العبارة كانت وما زالت في اللسان الحائلي لم تفارقه قديماً وحديثاً حتى صارت سمة من سمات الحائليين». ومن كلمات الخصوصية القلبية الحائلية: يا عزوتي، يا ملي، يا بعد طوايافي يالطربه، وإن كانت أقل حضوراً من يا بعد حيي. دمتم بخير وإلى لقاء والسلام.